قيد المحاكمة/
الحلقة الثانية: الجهاز الطبي وعلاقته بآلة التعذيب في سوريا
Artwork for podcast قيد المحاكمة
الحلقة الثانية: الجهاز الطبي وعلاقته بآلة التعذيب في سوريا
الحلقة ٢٧ تشرين الأول، ٢٠٢٢ • قيد المحاكمة • ٧٥ بودكاستس
00:00:00 00:33:23

مشاركة الحلقة

وصف الحلقة

تكشف الممرضة منال* عن كواليس علاقة مشفى الهلال الأحمر بأحد أشهر الأفرع الأمنية ومراكز الاعتقال في العاصمة السورية

نشارككم في هذه الحلقة شهادات وتقارير وأبحاث حول استخدام الطواقم الطبية في آلة التعذيب التي اعتمدها النظام السوري، ونحكي لكم عن محاكمة الطبيب علاء م. المتهم بارتكاب جرائم مروعة، عن معتقلين على حافة الموت، وآخرين فارقوا الحياة تحت التعذيب في المشافي، عن سوء المعاملة الممنهج وعن مفتاح براد الموتى بيد رجال المخابرات... وأكثر


تنويه: تحتوي الحلقة على اوصاف مؤلمة تتعلق بالتعذيب والإهمال الطبي الممنهج في المستشفيات والمعتقلات السورية. يرجى اخذ الحطية او التوقف عن الاستماع اذا لزم الأمر


نأخذكم في هذا البودكسات عبر رحلة وتجربة صوتية متكاملة، نستمع من خلالها إلى قصص وتجارب حول المشهد المتناثر لجهود العدالة والمحاسبة على الجرائم الجسيمة المرتكبة في سوريا من قبل النظام، في محاولة لفهم ألغاز التحقيقات، وأسرار المحاكمات القضائية

 

هذه الحلقة من كتابة وإعداد وإنتاج سليم سلامه، تحرير وتحقق من المعلومات ميس قات، تقديم ومشاركة بالتحرير كريستينا كغدو، مشاركة في التحرير فريتز سترايف

 

فريق البحث والتوثيق الميداني: عزّام مصطفى وشام العلي

 

مكساج وماسترنغ: عبد الرزاق الصطوف

مؤدية صوت منال*: سلافة لبابيدي

 

أُنتجت هذه الحلقة بدعم من وزارة الخارجية الألمانية عبر معهد العلاقات الخارجية وبرنامج تمويل

ZIVIK

 

مصادر ومراجع

  1. https://www.refworld.org/pdfid/53182eed4.pdf
  2. https://www.hrw.org/sites/default/files/report_pdf/syria1215web_0.pdf
  3. https://phr.org/our-work/resources/medical-personnel-are-targeted-in-syria/
  4. https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/14623528.2021.1979908?journalCode=cjgr20
  5. https://scripties.uba.uva.nl/search?id=c3376472
  6. https://www.theguardian.com/world/2012/feb/20/syrian-security-forces-target-doctors
  7. https://ar.syriaaccountability.org/3413/
  8. https://scripties.uba.uva.nl/search?id=c3376472
  9. https://phr.org/our-work/resources/medical-personnel-are-targeted-in-syria/
  10. https://menarights.org/sites/default/files/2016-11/SYR_CounterTerrorism3laws_2012_AR.pdf
  11. https://open.spotify.com/episode/4ntTIMxGyW3fSmfqyloesn  

 

روابط

أصوات
كريستينا كغدو
*منال

إستمعوا و إشتركوا

تكشف الممرضة منال* عن كواليس علاقة مشفى الهلال الأحمر بأحد أشهر الأفرع الأمنية ومراكز الاعتقال في العاصمة السورية

نشارككم في هذه الحلقة شهادات وتقارير وأبحاث حول استخدام الطواقم الطبية في آلة التعذيب التي اعتمدها النظام السوري، ونحكي لكم عن محاكمة الطبيب علاء م. المتهم بارتكاب جرائم مروعة، عن معتقلين على حافة الموت، وآخرين فارقوا الحياة تحت التعذيب في المشافي، عن سوء المعاملة الممنهج وعن مفتاح براد الموتى بيد رجال المخابرات... وأكثر


تنويه: تحتوي الحلقة على اوصاف مؤلمة تتعلق بالتعذيب والإهمال الطبي الممنهج في المستشفيات والمعتقلات السورية. يرجى اخذ الحطية او التوقف عن الاستماع اذا لزم الأمر


نأخذكم في هذا البودكسات عبر رحلة وتجربة صوتية متكاملة، نستمع من خلالها إلى قصص وتجارب حول المشهد المتناثر لجهود العدالة والمحاسبة على الجرائم الجسيمة المرتكبة في سوريا من قبل النظام، في محاولة لفهم ألغاز التحقيقات، وأسرار المحاكمات القضائية

 

هذه الحلقة من كتابة وإعداد وإنتاج سليم سلامه، تحرير وتحقق من المعلومات ميس قات، تقديم ومشاركة بالتحرير كريستينا كغدو، مشاركة في التحرير فريتز سترايف

 

فريق البحث والتوثيق الميداني: عزّام مصطفى وشام العلي

 

مكساج وماسترنغ: عبد الرزاق الصطوف

مؤدية صوت منال*: سلافة لبابيدي

 

أُنتجت هذه الحلقة بدعم من وزارة الخارجية الألمانية عبر معهد العلاقات الخارجية وبرنامج تمويل

ZIVIK

 

مصادر ومراجع

  1. https://www.refworld.org/pdfid/٥٣١٨٢eed٤.pdf
  2. https://www.hrw.org/sites/default/files/report_pdf/syria١٢١٥web_٠.pdf
  3. https://phr.org/our-work/resources/medical-personnel-are-targeted-in-syria/
  4. https://www.tandfonline.com/doi/abs/١٠.١٠٨٠/١٤٦٢٣٥٢٨.٢٠٢١.١٩٧٩٩٠٨?journalCode=cjgr٢٠
  5. https://scripties.uba.uva.nl/search?id=c٣٣٧٦٤٧٢
  6. https://www.theguardian.com/world/٢٠١٢/feb/٢٠/syrian-security-forces-target-doctors
  7. https://ar.syriaaccountability.org/٣٤١٣/
  8. https://scripties.uba.uva.nl/search?id=c٣٣٧٦٤٧٢
  9. https://phr.org/our-work/resources/medical-personnel-are-targeted-in-syria/
  10. https://menarights.org/sites/default/files/٢٠١٦-١١/SYR_CounterTerrorism٣laws_٢٠١٢_AR.pdf
  11. https://open.spotify.com/episode/٤ntTIMxGyW٣fSmfqyloesn  

 

نص الحلقة

كريستينا: قبل ما نبدأ، مهم انّوه انو هالحلقة بتحتوي على وصف دقيق لممارسات عنيفة ودموية. منرجوا انكن تاخدوا الحيطة والحذر، او تتوقفوا عن الاستماع لو احتجتوا.  



منال*: بتزكر أكتر من مرة جابو معتقلين مصابين مع حرس من فرع الخطيب على المشفى الي كنت اشتغل فيه، كان مشفى مدني، مو عسكري، اسمه مشفى الهلال الأحمر، وكان قريب كتير من فرع الخطيب… 
 

مرّة، بسنة ال 2008 جابو 2 رجال، ومرّة تانية جابو ست، كلهم عندهم إصابات، وبكل المرات كانوا يحطوا المعتقلين بغرف منفصلة، وبس الحرس يدخلوا معهم، ونحنا كممرضات، والاطباء، ما ندخل الا بإذن من الحرس… بعيوني شفت المعتقلين "مجنزرين" ومربطين بالجنازير الحديدية بالتخوت… 

 

كنّا نقدر نميّز انهن معتقلين لوقت طويل من لون بشرتهن الصفرا، من شكلهن ونحافتهن، كل هاد كان يوحيلنا بشكل كبير بانه صرلهن زمان كتير طويل في المعتقل…  

غير هيك للاسف الريحة الي كانت تفوح منهن كانت ريحة سيئة جدا، بتزكر كنا نلبس كفوف قبل ما نلمسهن لان كانوا كتير موصخين

 

كريستينا: بنهاية شهر نيسان ال 2011، بدت قوات النظام السوري استخدام القوة الوحشية لقمع جميع اشكال الحراك المناهض لسياسات النظام. 

 المخابرات السورية كان الها دور كبير بتطبيق هاد القمع؛ وبمساعدتها بدأ يتم ترهيب الناس بهدف ايقاف الحركة الاحتجاجية بأسرع وقت. 

 

لما نقول مخابرات، تحديدا ببلدانّا، بكون صعب انو تتشكل عنا صورة مفصلة عن شكل هالجهاز؛ باغلب الوقت منشوفة ككيان واحد، شيء عظيم وضخم، آلة بطش وترهيب، من غير ما يكون في وضوح بالضرورة للتفاصيل يلي بتخلق هالتركيبة، وبتساعدها تحصل على قوتها وجبروتها.

 

لكن بالواقع، ومن الداخل، جهاز المخابرات جهاز متشعب ومعلّب، بيحتوي بداخله على اشخاص مخبرين بيشتغلوا بالاساس بمهن متعددة. مهن من الخارج مو مرتبطه ولا بتوحي بمعنى او مفهوم المخابرات. 


من خلال هالفراغات الي بعبوها هالعمال والعاملات باماكن عمل مختلفة، بصير عند هالجهاز القدرة انو يسيطر ويتحكم ويكون متطلع على كل شاردة وواردة بالمجتمع وبين الناس. والجهاز الطبي في سوريا، "الي من المفترض يكون مُقَدِم خدمة" هو احد اهم  هالفراغات يلي استخدمتها واستغلتها أجهزة المخابرات السورية قبل الثورة، وبالسنوات الأولى للثورة، وليومنا هاد، لتقمع المتظاهرات والمتظاهرين، وتعذب وتشارك بقتل المعتقلات والمعتقلين. 

 

منال*: المشافي بسوريا كان يتم التعامل معها كأنها ملك لأشخاص، مو مشافي او مرافق حكومية، كان ممكن مثلا ينحجز طابق كامل لما يجي مسؤول او قريب لمسؤول ليتعالج في المشفى… 


بتزكر كان ينمنع استقبال حالات إضافية، لأن الغرف بتكون مسكرة ومو جاهزة لاستقبال المرضى بسبب وجود المسؤول الفلاني او قرايبينه.   


كريستينا: اهلا فيكن بالحلقة التانية من "قيد المحاكمة: عن متهمي وضحايا الجرائم في سوريا". مدونة صوتية باللغة العربية منِصغي فيها لقصص وتجارب حول المشهد المتناثر لجهود العدالة والمحاسبة على الجرائم الجسيمة المرتكبة في سوريا، في محاولة لفهم ألغاز التحقيقات، وأسرار المحاكمات القضائية؛ الماضية، الجارية، والقادمة. 


اسمي كريستينا كغدو، ورح كون عم رافقكن خلال حلقات هالموسم يلي رح نصغي فيه لشهود وشاهدات، اصحاب قصص، صوت الشارع، ومختصات وأخصائيين بالشأن القضائي والحقوقي، لنحاول نفكّك ونفهم مع بعض، لوين ممكن تاخدنا هي المحاكمات، وشو  هو معنى العدالة بظل استمرارية رئاسة النظام السوري المسؤول عن انتزاعها.


بحلقتنا الماضية والأولى من هالبودكاست، عرفّنا شكل الموسم وشو رح نقدلمكن فيه… 

وابتداء من حلقة اليوم، رح نبلش بالحديث بشكل مخصص، بكل حلقة، عن قضية أو محاكمة جارية أو قيد الجَلب، وقصة مرتبطة فيها لتساعدنا نفهم أبعادها ونتائجها المحتملة…


منبدأ بالجهاز الطبي السوري، واستخدامه الممنهج كآلة للتعذيب والمشاركة بالجرائم ضد الانسانية، تحديدا عبر الطواقم الي بتشتغل فيه.


منال*: اسمي منال، ممرضة سورية سابقة، درست بمعهد التمريض، واشتغلت كممرضة من لما تخرجت. 

بديت شغلي بمشفى الهلال الأحمر سنة 92 وضليت بنفس المكان لحد نهاية ال 2012 قبل ما اترك سوريا. 

طلعت منها بداية سنة ال 2013، بس ما رح اقدر قول على اي بلد… 


كريستينا: منال هو الاسم المتسعار لضيفة حلقتنا، ويلي عم تسمعوه هو صوت مؤدية، مو صوت منال نفسها. هاي كانت طلبات منال قبل ما توافق على انها تشاركنا قصتها وتجربتها من داخل احد المستشفيات السورية يلي شهدت على تعذيب المعتقلين  والمعتقلات قبل، وخلال الثورة.


بسوريا في 3 وزارات بتدير قطاع الصحة: وزارة الدفاع، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الصحة. 

مثلا، وزارة الدفاع في دمشق بتدير مشفى تشرين العسكري، مشفى 601، مستوصف الجوية، ومستوصفات تانيه بتعالج فيها العساكر وعائلاتهم. 

اما وزارة التعليم العالي، فبتدير مثلاً مشفى المواساة، ومشفى الأطفال، ومشفى التوليد الجامعي والاسد الجامعي. 

اما المشافي والمنشآت الطبية التانية فبتكون تابعة لوزارة الصحة مباشرة.    


إنك تكوني ممرضة، او ممرض، خلال الثورة بسوريا او قبلها، هو شي الو ابعاد ومعاني اعمق واعقد من مجرد ممارسة المهنه… الطائفة والتوجهات السياسية تحديدا بيأثروا بشكل كبير ومفصلي على كيف بتم ممارسة هالمهن… 


منال اختبرت هاد الشي بذاتها وبمحيط عملها طول فترة عملها بالجهاز الطبي.   


منال*: السلك التمريضي بسوريا عموما بيشتغلوا فيه ابناء وبنات الطائفة العلوية، وبشكل تلقائي في كتير من المدافعين عن النظام بهالسلك. 

سكوتي التام عن يلي كان يصير لحد ما تركت شغلي وطلعت من سوريا كان بسبب خوفي،  ما كان ممكن ابدا اني عبّر عن مشاعري الحقيقية، كان الكل يدافع بمحيطي، بالوقت يلي كان الاغلبية الاعظم من الاطباء ساكتين وخايفين تماما، كانت ملامح الرعب دائمة على وجوهن.
 

كتير اطباء كانو عرضة للاعتقال والقتل بسبب شبهات بتعاونهن مع المعارضين أو المتظاهرين. 


كريستينا: لما استلم حزب البعث السلطة بالستينات، الوضع ما كان مختلف. 

بهداك الوقت كانت المناطق الريفية و البعيدة عن المدن الكبيرة، متل إدلب ودرعا، مهملة طبيا تماما، بالوقت يلي بالمدن الكبيرة كان في تركيز عالي على وجود عدد كبير من المرافق الطبيّة الحديثة. 

بوقتها، حاول حزب البعث يغيّر هالوضع، وبلّش يضخ موارد لإنشاء مرافق طبيّة بالأماكن المهمّشة والريفيّة، وبلّشت تظهر عيادات ومشافي بأماكن ما كان فيها هيك شي سابقًا. 

 

خلال هالتغيير، تم العمل على توزيع مناصب ادراية عليا بالموسسات الصحية للبعثيين على وجه الخصوص، ويلي ادى لتسييس القطّاع الصحي بكامله وبالتالي، وكنتيجة حتميّة، انتشر الاستقطاب والتمييز، ضدّ المهنيين الطبيّين يلي مو معبرين بالضرورة عن  ولائهن بشكل واضح وصريح داخل مجال الرعاية الصحيّة… 


منال*: المشفى الي كنت اشتغل فيه ما كان فيه ولا طبيب علوي، وتدريجيا، بشكل طبيعي وبطيء، صار الفرز والانقسام بين الطاقم الطبي وطاقم التمريض… صاروا يقعدوا لحالهن بعيد عن الممرضات، بسبب الخوف والقلق… السكوت كان سلاح كل طرف، حتى لو ما كان 

بالضرورة بيعرفوا اذا هاي الممرضة او هداك الممرض مع او ضد… 


كريستينا: طبعا، الطائفة او الدين، ما بيعتبروا بالضرورة شرط لتصنيف ولاء او معارضة افراد طاقم الطب او طاقم التمريض باي مستشفى، ولا حتى وسيلة لقراءة توجهات هالاشخاص السياسية بشكل قطعي. 

واقرب مثال بين ايدينا بالوقت الحالي هو المحاكمة الجارية للطبيب علاء م. 

 

بمنتصف ال 2020، القت السلطات الالمانية القبض على الطبيب علاء م. المتهم بتعذيب المعتقلين. ومع بداية سنة 2022، تحديدا يوم 19 كانون التاني، بعد ايام قليلة من صدور الحكم بالحبس مدى الحياة لأنور رسلان، بلشت محاكمة الطبيب علاء م. 


علاء م. اشتغل كطبيب بسجن للمخابرات العسكرية بمدينة حمص سنة 2011، بالفترة من 23 تشرين الأول ل 16 تشرين الثاني من نفس السنه.

خلال هالفترة، وحسب لائحة الاتهامات الموجهة ضد الطبيب علاء والتقارير حول المحاكمة، تعرّض المعتقل "م"، من مدينة حمص للتعذيب بسبب مشاركته بمظاهرة.

خلال احتجازه، تعرض لجلسة تعذيب، ومن بعدها صابته نوبة صرع يلي على اثرها طلب واحد من زملائه المعتقلين من الحراس انهم يطلبوله طبيب ليشوف حالته… 

الطبيب الي حضر وقتها كان المتهم علاء م. وحسب الادعاءات، ضرب المعتقل المصاب بأنبوب بلاستيكي، وضل يضربه ويرفسه على رأسه لوقت ما طلع من المكان. 

تاني يوم، فاق المعتقل وكانت صحته متدهوره، فطلبله واحد من المعتقلين رعاية طبية، ليرجع يجي الطبيب المتهم علاء م. مع طبيب تاني، وبدل ما يقدموا العلاج للمصاب بنوبة الصرع، بلشوا يضربوه بأنبوب بلاستيكي لحتى بطل يقدر يمشي واغمى عليه. 


بعد فترة قصيرة، المعتقل مات. 

 

هالحدث، بكل بشاعته والعنف يلي فيه، هو قصة وحده من بين آلاف القصص لضحايا ومعتقلين ومعتقلات تانيين تم تعذيبهن او تشوييهن او قتلهن على ايد الجهاز الطبي، بالاخص بعد اندلاع الثورة بال 2011.
 

بتستذكر منال التغييرات الي طرأت على المستشفى يلي كانت تشتغل فيها، بهداك الوقت تحديدا…   


منال*: تغيرت امور كثيرة في المشفى، صار في منع دخول لحالات كثيرة؛ الحالات العادية كان يتم رفضها، وكان بس يتم استقبال الاسعافية، يعني بشكل عام ماكان في بالمشفى اكثر من 6 مرضى بالفترة الوحدة. 

كان العناصر اللي بيشتغلوا بفرع الخطيب يجيبو دائماً معتقلين على المشفى، اغلبهن كانوا يلفوهن ببطانيات وسخة كتير كتير، وكنا نبلس كفوف بايدينا لما نعتني فيهن بالاخص؛ كنا نشوفهن كيف مقمّلين أو عندهن جرب باغلب الوقت…  

 

نحنا الممرضات، والاطباء، كنا ملزمين بانو نتعامل مع المرضى بأسرع وقت، وانو ننهي الشغل بسرعة كتير، وبأدنى حد من العناية، كان ممنوع نحكي معهن أو انو نتبادل اي معلومات، أو حتى انو نواسيهن او نظهر اي تعاطف…  بتزكر منيح كيف صرخ علي عنصر مخابرات مرّة وهو يقول: "خلصي خلصي". 


كنت شوف اجسامهن وايديهن ورجليهن زرق، كان واضح لالي انها علامات ضرب قوي. 

بعمري ما شميت هيك ريحة من بني آدمين… 

 

الاطباء اللي بعرفهن كانوا يعملوا شغلهن من باب الواجب، بدون اظهار اي اهتمام، كلو بسبب الخوف الكبير من المخابرات، لأن المخبرين وعناصر الأمن كانو يضلّوا دائما موجودين في الغرف، بينا ومعنا وفوق روسنا… كان الصمت هو سيد الموقف بالغرفة يلي فيها طبيب…  

بعض الممرضات كانو يقولوا اشيا مثل "هاد الجحش جايبينه، هاد العرصة" وكانو يرفضوا العناية ببعض المعتقلين. 


كريستينا: بشهر تمّوز سنة 2012، ولمّا كانت الثورة باشدّ ايامها، ومنال كانت بعدها على رأس عملها، ازدادت شدة الخطورة بمناطق سيطرة النظام، تحديدا بعد ما قدّم بشار الأسد قانون جديد وشامل لشي سمّاه مكافحة الإرهاب.
 

علاج المتظاهرين صار يعتبر "عمل إرهابي"، وبمناطق سيطرة المعارضة كمان تم توصيف التعامل مع المدنيين بالإرهاب.

 

لمّا بلّش يتطبّق هاد القانون، الخطر على الأطبّاء يللي كانوا بيرغبوا بالاستمرار بمعالجة المتظاهرين صار حقيقي ومدعوم. وفقًا لمنظّمة أطبّاء من أجل حقوق الإنسان غير الحكوميّة "Physicians for Human Rights"، تم قتل وتصفية ما لا يقلّ عن 930 عامل  وعاملة بالمجال الطبّي بين سنة ال 2011 و ال 2021. 


بالسنوات الاربعة الأولى من الثورة بالتحديد، كانت المستشفيات، والجهاز الطبي العامل فيها اما عم تتعرّض للقصف والغارات الجويّة، او عم يتعرض بعض الأطباء للاعتقال والتعذيب حتى الموت.

 

بحلقة اليوم عم نركز على استخدام النظام السوري للطب كاداة للتعذيب والقتل، بس بحلقتنا الجاية، رح نركز على استهداف النظام للمستشفيات والطاقم الطبي والتمريضي، واماكن تجمع المدنيين والمدنيات للعلاج او لشراء حاجاتهم الاساسية وقوت يومهم.  


قانون مكافحة الإرهاب والعنف الشديد يللي اتمارس من خلاله، حطّ الأطباء تحت رحمة واقع كتير صعب، جبرهن على:

اما انهم يختاروا ممارسة المهنة مع المخاطرة بالحياة…

او يستمروا في العمل وتقديم اسوأ انواع الرعاية والمعالجة، تحت التهديد والترهيب…

أو يتوقفوا تماما عن العمل ويتركوا المرضى تحت رحمة نظام الأسد الدمويّ…  


 

شَكْل العنف الطبّي من ال 2011 ولحد اليوم، والضرر والأذيّة يلي تسبب فيهن مختلفين كتير… 

الأطبّاء يللي بيشتغلوا مع النظام ممكن يشتغلوا باي مستشفى او مستوصف: 

المستشفيات المدنيّة، العيادات، أو السجون، مراكز الاحتجاز، المستشفيات العسكرية، او فروع المخابرات…  

ممكن يكونوا مواليين غصب عنهن أو بكامل رضاهن، 

وممكن كمان يكونوا متورطين بالاستجواب والتعذيب ومكلفين بالتعامل مع الناس... 

وممكن ما يكونوا عم يعملوا ولا وحده من هدول… 


منال*: شخصيا ما شفت بعيني ولا شهدت على طبيب او ممرض او ممرضة عم يمارسوا عمليات تعذيب أو سوء معاملة بشكل مباشر. 

لكن، العناية طبعا كانت ضعيفة كتير كتير كتير، وقليلة جدا، يعني المريض العادي الي مو بمتل هيك وضع بيكون بيستحق عناية اكثر بكتير من يلي كان يتم تقديمها للمعتقلين والمعتقلات بالوقت الي انا كنت اشتغل فيه. 

طبعا متل ما قلت انا شغلي كان بمشفى مدني، وكان الوضع هيك، ما بعرف بالمشافي العسكرية كيف كان الوضع هنيك، وكمان شغلي تحديا اقتصر خلال فترة الاحتجاجات. 

بعرف زملاء اشتغلوا بمشافي عسكرية، لكنهن بفضلوا الصمت، وانهن ما يحكوا عن هاي الامور بسبب خوفهن الشديد.  


كريستينا: الي عم تقوله منال في اله بعد وعمق بكيف منفسر ومنحلل شو يعني عنف طبي؛ هل القتل والتشويه والتعذيب المتعمد هنّه الدليل الوحيد على العنف واي فعل تاني بدرجات ادنى واقل بيتحول تلقائيا لشيء مقبول ومتوقع؟ 


 ايمتا وصلنا لهاد الايمان، مين يلي دربنا عليه وعلى تقبّله وتوقعه؟ 

هل هو الاعلام المسيس؟ هل هي الانظمة الي استباحت اجسادنا بشكل ممنهج وواسع وعميق لدرجة تحول فيها الموت والتشويه ليصيروا هنن ادنى درجات العنف؟
 

يمكن الايام الجاية بمحاكمة علاء م. والشهادات الي عم تتقدم من الضحايا والناجيات والناجيين، تكون وسيلة لنرجع نرتب فيها طريقة تفكرينا وتقديرنا لقيمة واهمية كل قصة، مهما كان نوع العنف الممارس على الاشخاص فيها بين قوسين (قليل او كبير). 


كتير من الأحيان، الاشي يلي ما بيعملوه الأطباء، او بقصّروا بعمله، ممكن يكون مميت تماما متل الاشي يلي بيعملوه؛ متل ما ذكرت منال، ممكن الأذى يكون عبر حرمان المعتقلين المصابين أو المرضى من الرعاية، وهاد فعل قادر يخلي أصغر وأبسط إصابة تتحول لإصابة خطيرة وقاتلة.
 

حسب تقارير تركنا روابطها بالوصف المكتوب للحلقة، بمعاملة اطباء السجون تحديدا للمعتقيلن والمعتقلات، جمع المعلومات عن صحتهن يعتبر إجراء معياري، يعني إلو قواعد وبتكرر دائما، وإلو شروط وقوانين؛ أطباء السجن بيكون عندهم بالعادة فكرة مسبقة  عن صحة المعتقلين والظروف يللي هن فيها، وهي المعلومات مهمة وممكن استغلاها بسهولة شديدة.

مثلًا، إذا حدا من المعتقلين عندو او عندها ربو، الدكتور بيكون عندو دراية تامة إنو هالمعتقل او المعتقلة بحاجة لعلاج ولظروف معيشية معينة، بس من خلال هالمعرفة، ممكن الطبيب يسلّم المسؤولين عن الاستجواب سلاح غير مرئي ومصمّم تمامًا لهادا  السجين او السجينة. بمعنى: (ليش تعذّب حالك وتضرب سجين ما، لما يكون بامكانك تعذيبه بنفس القدر من السوء لكن من خلال حرمانه من الرعاية الطبيّة؟


هالممارسات الممنهجة تعتبر أداة فعّالة للنظام، وما زال الإهمال الطبّي أحد أكتر أشكال العنف الطبّي شيوعًا بفروع المخابرات، حتى بعد ما تتحول هالاجساد لجثث هامدة. 

كمثال على التحكم والسيطرة المطلقة، بتستذكر منال كيف تم سحب مفتاح براد الموتى من مستشفى الهلال الاحمر المدني الي كانت تشتغل فيها… 


منال*: مفتاح براد الموتى كان يحمله دايما الآذن، يعني المستَخدم تبع المشفى، وهو يلي كان يفتح ويسكر الباب، ويسمح بدخول الاشخاص او خروجهن حسب نظام محدد، لكن مع بداية ال 2012 تم سحب مفتاح البراد، وما كان عندنا القدرة انو نفتح البراد لأي عمل مطلوب متل ما جرت العادة بالسابق. 


بذكر وقتها خبرنا المستخدم وقال: "المفتاح صار مع جماعة الفرع". 

 

كتير أشخاص كانوا يجو من الفرع لعنا عالمشفى، وما كنا نعرف شو عم يصيرلن، بعتقد كانوا يموتوا بالمشفى. 

كانت مناوباتي باغلب الاوقات ليلية، كنت شوف سيارات الاسعاف طالعة من باب البراد تبع المشفى، الصبح بكير، حوالي الساعة خمسة قبل طلوع الشمس، حسب تصوري إنن كانو يجمعوا الجثث ويطلعوها من المشفى دفعة وحده كل فترة. 


كريستينا: حسب ابحاث وتقارير هيومن رايتس ووتش واطباء من اجل حقوق الانسان وغيرها، سنة ال 2011 لعبوا الاطباء دور كبير وحقيقي بالفروع الامنية، مع الأخذ بعين الاعتبار إنو كل فرع مختلف عن التاني حتى بطرق التعذيب، ببعض الفروع الأطباء بيتعاملوا  بإهمال وبيفروا أدنى حد من الرعاية، بينما بفروع تانية الأطباء ممكن كمان يشاركوا بالتعذيب، متل حال الطبيب المتهم علاء م.، وبغير فروع ما في أطباء على الإطلاق.

 

سيطرة النظام وافرعته الامنية ما اقتصرت فقط على التحكم بشكل العلاج والرعاية الطبية الي بقدمها طاقم الطب وطاقم التمريض، وانما تعدته لتتحكم بمين عنده القدرة على التعرف علي اجساد الموتى وفحص اسباب وفاتهم… 


منال*:  بذكر مرة، بشهر 11 سنة ال 2012، جابوا شخص للاسعاف، شفته بالغرفة ملفوف ببساط سميك ووسخ كتير، وريحته بتقتل…  

كان معه اربع اشخاص مدججين بالسلاح ولابسين عسكري، دايما هنن الاشخاص نفسهن بيجو من الفرع، ما بعرفهن بالاسم، بس كانوا يترددوا دايما عالاسعاف. 

رموه عطاولة الكشف، وتكشفت البطانية وشفت جسمه، شفت الزلمة، كان لونه ازرق موَرّم كله على بعضه، كان واضح انه تعرض لتعذيب. 
 

وبذكر انهن سكروا الستاير بعدها وسمحوا بس لواحد من الاطباء أنو يدخل لعنده…  

كنت واقفة بنفس غرفة الاسعاف والشب المريض كان على السرير، فاصلتني بس الستارة عنه.

بذكر كيف قلي بوقتها عنصر الأمن: "انتي لا تفوتي".

ودفشني على جنب، وضل بس طبيب واحد ليكشف عليه.

بعد ما كشف الطبيب عليه، دار ضهرو وطلع من ورا الستارة، كان وجهه مخنّق… 

سألتو: "شو لازم نعمل؟" 

ما فتح تمّه ولا بحرف، أشّر بس بحواجبه لفوق وقال: "خالص…"   
 

بعدها بدقايق دخل الطبيب، عمل اصغاء لقلب المريض المعتقل بالسماعة، وبعدها اعلن انه مات، وما بعرف لوين اخدوه.  


كريستينا:  العلاقة بين المريض والطبيب أو الممرض والممرضة بالظروف العادية هي علاقة كتير خاصّة، بكون فيها افراد الجهاز الطبي على معرفة بالأشخاص ومعلوماتهن الشخصيّة وبيكون من المفترض على افراد هالطاقم انه يكونوا موثوقين، وانو ينفذوا القَسَم الأخلاقي تبعهم من خلال المعالجة بأفضل الطرق يلي بيعرفوها. لكن حتى هاي الاخلاقيات وشروط المهنة تم سحبها او التحكم فيها بشكل او بآخر من قبل النظام.  

 

من حيث المبدأ ما في شي بيخلّي الناس يلي بتشتغل بالمهن الطبيّة جاهزة للتعبئة والحشد مشان تقوم بأعمال عنف بسوريا، لكن كتير مهم نشوف السياق التاريخي والثقافي يللي اشتغلوا فيه الأطبّاء هنيك. 

يعني، خلال نصف القرن الماضي، اتطوّرت سوريا بشكل كتير كبير، وهاد الشي بيعني إنو كمان مهنة الطبّ اتطوّرت وتطوروا معها الأطباء وصار عندهن وجودهن وقوّتهن واحترامهن، يعني صار عندهن سُلطة نسبيّة بمجتمعاتهن. 

النظام منتبه وواعي لهي السُلطة يللي هي بالنسبة إلو شغلة كبيرة ومهمّة كتير وبأي وقت ممكن يستخدمه أو يسيء استخدامها حسب توجهاته وأهدافه المختلفة. لهيك، وبسنة ال 2011 يلي كانت لحظة البدء والنقطة الحاسمة لتظاهر الناس بكثافة وبأعداد  كبيرة، كان هو الوقت الي اعتبر فيه النظام أي دعم "طبّي" للجرحى من المتظاهرين هو شكل من أشكال الدعم "السياسي" إلهن. 


هالشي كان كإنه النظام حط رصاصة أو "خازوق" بنسيج المجتمع السوري، من خلال أخذه لمهنة الطب والأطباء لمكان سياسي بعيد كتير عن الشيء يلي مفروض انهن يعملوه كجهاز طبي؛ 

هيك صار كتير صعب أو حتّى مستحيل تقديم أي دعم طبّي وإنساني للأشخاص الموجودين خارج نطاق سيطرة النظام. 

ومتل ما ذكرت منال، حتى لما كان الطاقم الطبي عم يقدم الخدمة داخل مناطق السيطرة، لكنها عم بتكون لمعتقلين ومعتقلات معارضين، فهالخدمة كانت تتم تحت رقابة عناصر النظام وتحت شروطه، متل مرافقة عناصر الامن للمعتقلين والمعتقلات في  المستشفى يلي اشتغلت فيه منال، وتحكمهم بشكل العلاج المقدم الهن… 


وعودة لقصتها عن المعتقل الي جابوه عناصر الفرع على مكان عملها، الطبيب الي كشف على المعتقل يومها، سالها إذا كانت قدرت انها تتعرف عليه، بس منال ما عرفته أبدا… 

ذكرها الطبيب بأنه المعتقل يلي مات قبل لحظات، كان زميلهن، وكان بيشتغل باختصاص قلبية. بتتذكر منال انه اسمه كان اياد، بس ما بتتذكر اسم عيلته، وذكرت كمان انه كان من مدينة السلمية، وانه اشتغل بنفس المشفى الي اشتغلت فيه منال سنة ال 2010 تحديدا، وبعدها انتقل لمشفى المجتهد، ومن بعدها تم اعتقاله سنة ال 2011.



منال عرفت عن طريق زملاء واطباء انه تم اعتقاله، لكن ما حدا كان بيعرف مكانه بالضبط، واذا كان عايش او لأ، لحتى شافته بالمستشفى ليلتها، و جسمه مزرق وهامد، على طاولة المعاينة عم يفارق الحياة.


منال*: انا طلعت  من سوريا بداية سنة ال 2013، بعد 3 أشهر من طلعتي، شفت بوست على فيس بوك بيسأل عن الطبيب الي مات بالاسم وبيطلب من أي شخص بيعرف معلومات عنه أنه يتواصل معهن… 

عرفت أن أهله كانو عم يدوروا عليه وانهن دفعوا مصاري كتير لأشخاص مقابل معلومات عن ابنهن الطبيب اياد، يلي بوقتها كان المعتقد انه صرله 13 شهر معتقل. 

وهيك عملت، راسلت صاحب البوست وخبرته انه الطبيب اياد مات، ما صدقني في البداية وقلي أنتي مانك بسوريا! كيف بتعرفي انه مات، فخبرته بتاريخ الوفاة وكل الي صار، وبإني شفته بعيني. 


كريستينا: التهديد والخوف وشلّ القدرة على الكلام او تقديم العلاج وممارسة المهنه والقسم، كانت احد اهم العوامل الي دفعت لخروج اعداد هائلة من الاطباء من سوريا من وقت اندلاع الثورة لليوم؛ 


التقديرات بتقارير بعض المنظمات بتقول إنو نسبة بين ال 10 وال 15 بالمية من العاملين بالمجال الطبّي وبما فيهن الطلّاب رفضوا التعامل مع النظام، وتركوا وظائفهن أو دراستهن من دون ما يغادروا سوريا، لكنهم راحوا على أماكن تانية ليحاولوا يبنوا شبكة  من المرافق الصحيّة الموازية لمعالجة المتظاهرين المصابين. وحاليا، تقريبًا نصف عدد يللي بيشتغلوا بالمجال الطبّي طلعوا من سوريا، ويللي ضلوا، إما صامتين تمامًا أو مواليين للنظام، او بيتشغلوا تحت ظروف التهديد والخطر. 

طبعا، كتير من العاملين والعاملات بالمجال الطبّي بسوريا هن ضحايا للنظام؛ الأطبّاء والممرضين والمسعفين يللي ضلوّا عم يشتغلوا رغم الهجمات والقصف الجوي يلي ما هدي، عم يعملواإشي كتير مهم وأساسي، لكن ضمن شروط وظروف كتير سيئة وصعبة.


خروج منال من سوريا ما كان سهل عليها ابدا، لكن بقاءها على راس عملها واستمرارها كشاهدة، متلها متل كتير من العاملات والعاملين بالجهاز الطبي، ما كان شي بتقدر انها تتحمله، او تتحمل عواقبه، وحادثة وحده صارت معها بالتحديد خلتها تبلش تفكر 
بالرحيل. 


منال*: بليلة من ليالي نيسان، سنة ال 2012، كان عندي مناوبة بالمشفى، بتزكر كنت لابسة بيجاما زرقا فاتحة، والجو كان دافي…  

اجى شخصين من الفرع، قالوا للطبيب انه بدهن الممرضة الي مناوبة في الاسعاف… 

اتطلع علي الطبيب وقتها وسألني: "انتي مناوبة (وقال اسمي)" طبعا كان بيعرف اني مناوبة ومع هيك سألني. قلتله ايه، انا الممرضة المناوبة اليوم. قال العسكري: "بدنا ياكي بالفرع ضروري". 


لحد هاللحظة بتذكر كيف كنت عم أرجف…  

لبست تيابي و رحت معهن، مشينا، وبزكر نزلت معهن 3 طوابق تحت الأرض. 

 

اخذني على غرفة فيها ضابط عسكري. قلي الضابط: "انتي من وين؟ شو اسمك؟" 

جاوبته، قلتله اسمي ومن وين، بعدها سألني عن شخص بعرفه معرفة بعيدة . 

بعدين قال الضابط: "في وحدة جحشة جوا، دخلي وفتشيها شوفي اذا معها شي". 


كانت بالحمام، دخلت، الحمام كان وسخ كتير، لأبعد الحدود… وكان فيه بانيو، البانيو كمان كان وسخ لأبعد الحدود، وكان في ست واقفة بالحمام وخايفة كتير. 

كان شعرها مبلول ومجعد شوي، مستحيل إنسى شكلها ابدا… كانت لابسه بنطلون جينز وتي شيرت أبيض وبوط رياضة أبيض، وكانت عم ترجف من الرعبة. 

قلتلها لا تخافي.. انا ما دخلني فيهن، الفرع جابوني بس مشان فتشك… ومارح المسك بس بدي اسألك اذا معك شي..  

الست قالتلي اسمها، وانو صحفية، وقالت انهن اعتقلوها لانها ساعدت العِيَل المتضررة الي جاية من حمص، وانه زوجها الدكتور ج. ص. وهو طبعا زميل سابق كنت اشتغل معه، وانو موجود بنفس الفرع الي كنا فيه. 
 

كنا عم نهمس همس بصوت واطي كتير… وبعد وقت قصير طلعوني بسرعة…

رجعت بعدها عالمشفى وبس خلصت مناوبتي رجعت عالبيت… 

كنت مجروحة كتير كتير، قلبي عم ينزف حرفياً.. 

ما قدرت خبر اي انسان بالي صار. اضطريت احبس دموعي بقوة، وكنت عصّ على شفافي لساعات حتى قاوم انه ما ابكي… 

ووقتها قررت اني اترك البلد، وبلشت فكر كيف بدي ساوي هالشي. 


كريستينا: بعد الي شهدت عليه منال، بين الصحفية والطبيب وكل الي تبعه، الوضع تعقد اكتر واكتر، والاهمال الطبي الممنهج استمر، ووقتها قدمت منال طلبت اجازة بلا راتب لمدة سنة، بس مدير مستشفى الهلال الاحمر الي كانت تشتغل فيها ما وافقلها عليها،  فقررت انها تترك كل شي وتطلع برات البلد.  


منال*: حسيت اني اذا ضليت رح اتعرض للاعتقال، وكنت مخنوقة ومتدايقة كتير اني عم شوف كل شيء وما عم احكي…  

كنت فرحانه لما شفت الناس في المظاهرات عم تطالب بالحرية والقيم الي بحبها وبتمنى اني عيشها، بس ما كنت راضية ابداً عن التسلح، وما كنت حابة تتجه الأمور للعنف المسلح في البلد… 

ما قدرت اني عبّر عن رأيي، وجزء من عيلتي قاطعوني لمجرد إبداء آراء بسيطة يأحاديث صغيرة، او لمجرد إني تابع قنوات اخبارية معادية للنظام السوري، كانو يقولوا عني "علّاكة".

 

لو سكتت كنت رح موت من قهري، ولو حكيت كنت متت بسبب كلامي وصدقي. فقررت اني اطلع.


 

انا لو بنطلب، فعندي استعداد اني اشهد بالمحاكم الدولية، ما بعرف غني، ولا بعرف اكتب شعر او مقال، ولا بقدر اني اخدم بلادي متل ما بحب… انا فقط هاربة من الظلم الذي شفته بعيني... 

بس انا خبرت منظمة الامم المتحدة بكل الي شهدت عليه وشفته بالتفصيل لما اجريت مقابلة اللجوء، ما لاحظت انهن فعلا اهتموا بالي قلته، وما حدا راجعني بالشهادة تبعي لحد هاللحظة، سمعوا كلامي للأخير وبس.. 


بحب وعندي الرغبة بإني اتواصل مع جهة قانونية او قضائية بخصوص الي عشته وشفته، لكن ماعرفت كيف ممكن اتواصل، مع مين وكيف! لكن عندي استعداد لهالشي…  

 

بتابع عمر الشغري وبحبه كتير، بتابعه على كل  منصات السوشيال ميديا لأني معجبة بقوته… أثر فيني كثير لما سأل عمر عنصر الأمن: "ليش عم تدعس على رأس المعتقل؟" 

فرد عليه رجل الامن وقال: "اذا ما دعست على رأس المعتقل رح يدعسوا على راسي…" 



أنا رفضت يدعس حدا على رأسي… ورفضت أني أدعس على راس حدا، لهيك تركت المدينة الي تربيت فيها والي بحبها للأبد


كريستينا: حسب المركز السوري للعدالة والمساءلة، محاكمة علاء م. تعتبر خطوة مهمة لأسباب كتيرة، أولها أنه ألمانيا عم تواصل مساءلة الجناة من جميع أطراف النزاع، وهالشي بيرسل إشارة مشجّعة للدول التانية الي عم تحقق حالياً بالجرائم الي ارتكبتها الحكومة السورية. اضافة الي انه المحاكمة رح تنظر بالتفصيل بدور بعض العاملين في المجال الطبي من حيث مشاركتهم المباشرة في نظام التعذيب الي بتديره الدولة في سوريا.

 

منستذكر كيف كان فيه تلميحات عن دور الأطباء ومرافق الرعاية الصحية خلال محاكمة كوبلنتز؛ وكيف سعت المحكمة وقتها لتقييم نقص الرعاية الطبية كجزء من ظروف الاعتقال العامة في الفرع 251. 

غير هيك، تحليل الطب الشرعي لملفات قيصر بيّن علامات واضحة على وجود علاج طبي وعلامات تعذيب على وحده من الجثث، وأكّد خبير الطب الشرعي أنو بعض الممارسات الطبية مثل لصقات الأقطاب الكهربائية من الممكن أنه يتم استخدامها كمان لتعذيب الأشخاص، وعالاغلب رح توضحلنا محاكمة علاء م. عبر شهادات الناجين والناجيات والشهود عن كيف تم استغلال مراكز الرعاية الطبية من قبل شعبة المخابرات العسكرية في حمص ودمشق واستخدامها لتعذيب الضحايا.

اخيرا، محاكمة علاء م. ما زالت مستمرة ب فرانكفورت، لكن لهلا مش معروف قديش رح تاخد وقت… في جلسات عم تتأجل، وعم نشوف انه هاي المحاكمة بطأ مقارنة بمحاكمة كوبلنز، ولكن بنفس الوقت سماع الشهود والمدعين بالحق المدني مستمر…    

 


هالحلقة من كتابة واعداد وإنتاج سليم سلامه، تحرير وتحقق من المعلومات ميس قات، تقديم ومشاركة بالتحرير كريستينا كغدو، مشاركة بالتحرير فريتز سترايف، تأدية صوت الممرضة منال، سلافة لبابيدي. وبتلاقوا بعض اسامي ياقي فريق العمل بالوصف المكتوب.




أُنتجت هالحلقة بدعم من وزارة الخارجية الألمانية عبر معهد العلاقات الخارجية وبرنامج تمويل ZIVIK.