الفرع ٢٥١/
مَنْ هُوَ أَنوَر ر.؟ / الجزء الأول

LISTEN AND SUBSCRIBE

في حلقتنا الأخيرة من الموسم الثاني من بودكاست الفرع 251: جرائم سورية قيد المحاكمة، نأخذكم في رحلة خاصة مكونة من جزأين، ننظر ونحلل من خلالهما رحلة أنور ر. إلى وداخل محكمة كوبلنز، بالإضافة إلى عرض كافة الاحتمالات المتوقعة والمنتظرة للحكم النهائي

 

تحذير: هذه الحلقة تحتوي وصف للأفرع الأمنية والسجون وتتحدث عن موضوع التعذيب، لذلك وجب التنويه ويرجى توخي الحذر عند الاستماع


 

يغطي بودكاست "الفرع 251: جرائم سورية قيد المحاكمة" مجريات المحاكمة التاريخية الخاصة بجرائم ارتكبت في سوريا، والمعروفة باسم محاكمة "فرع الخطيب"، والتي تتم في مدينة كوبلينز الألمانية. نقدم لكم حلقات رئيسية مرتين شهريا ونشارك معكم بين كل حلقة رئيسية وأُخرى تحديثاً يتعلق بمُجرَيات المحاكمة. تابعونا عبر تويتر وعلى منصات الاستماع المختلفة

 

اعداد وكتابة فريتز سترايف وهنا الهيتمي، تقديم ومشاركة في التحرير نايا سكاف ونور حمادة، مشاركة في التحرير بولينا بيك، دبلجة صوت انطونيا كلاين مسار سعيد، ترجمة النص من الانجليزية الى العربية كريستينا كغدو، انتاج وتحرير سليم سلامه، ومن النشر والتواصل فرح أبو السّل

75 Podcasts نشر وتوزيع

استمعوا لكافة حلقات بودكاست الفرع 251 باللغتين العربية والانجليزية على موقع البدوكاست

ZIVIK قمنا بإنتاج هذه الحلقة بدعم من وزارة الخارجية الألمانية عبر معهد العلاقات الخارجية وبرنامج تمويل

laurenshebly.n تصميم الغلاف

James Lawler Duggan/AFP/Getty Images صورة الغلاف

sessions.blue مقاطع موسيقية من موقع

 

Episode Transcript

مقدمة

نايا: أنور ر. شخص حبّاب. مجرّد شخص غرقان بالبيروقراطيّة، لقى حاله بالوقت الغلط بالمكان الغلط،  وما دخلو بأي عنف  صار قبل 2011. طيّب شو صار بعد ال 2011؟ يلي صار، هو إنّه هالأنور ر. حس إنّه في شي غلط وكان مرعوب من الأساليب الإجراميّة يلي بتتّبعها الدائرة المقرّبة من شلة الأسد ومخلوف. حتّى إنّه كان شاعر بالإهانة منها! قام قرّر يشتكي... يساعد المعتقلين والمعتقلات... يحطّ أسماءهن على قوائم الإفراج... وبالنتيجة تم تهميشه وتخفيض رتبته. 

وقت إجى الوقت المناسب ليترك البلد، طلع عيلته واطمن عليهن، ولما قدر، ترك منصبه بسوريا، مشان يساعد الجانب الآخر ويوفرله المعلومات والأدّلة يلي بيقدر يجيبها. لدرجة إنّه في عضو معروف بالمعارضة وقّف معه! 

أنور ر. شارك بفعليّات المعارضة، تخيّلوا! كان مقتنع إنّه ما كان عم يعمل شي غلط، وبعدين تفاجأ كتير وقت عرف إنّه منصبه السابق وبعض الأشياء يلي كان يعملها فيه يُعتبروا غير قانونييّن ببلد الإقامة الجديد تبعه. 

 

نور: أنور ر. مدير وحدة التحقيق بفرع الخطيب، أو الفرع 251، بمدينة دمشق، بسوريا. بمنصبه، كان مسؤول عن جرائم ضدّ الإنسانيّة، متل القتل والتعذيب والعنف الجنسي. 

أنور كان عضو فعّال بآلة القتل المسؤول عنها الأسد، ومو بس قبل الـ 2011، لأ. قبل بكتير.

 

نايا: أنور ر. شخص مهني بامتياز؛ محقّق دارس ومتعلّم وشاطر كتير بشغله. ولهلأ هيك. بعد ما أخد شهادة الحقوق من جامعة دمشق، بلّش يترفّع من رتبة لرتبة متل ما بيصير مع كتار من يلّي بيدخلوا سلك المخابرات. بعد فترة، عليت مراتبه وصار جزء من دائرة ضبّاط نخبويّة صغيرة. وهيك أنور ر. لقى مكانه جوا النظام وعلّم حدوده وخطوطه الحمر: عرّف حاله كمحقّق محترف فخور بشغله إلى حدٍّ ما. كان بينفّذ متطلّبات شغله بحذافيرها، ويلي بتتمثّل بالتحقيق بالجرايم وجمع المعلومات الاستخباريّة، لا أكتر ولا أقل. طيّب شو كان معنى هاد الحكي بسوريا بوقتها أو حتّى قبل هيك؟ شو الآليّات يلي استخدمها مشان يعمل شغله؟ أو بالأحرى، شو الآليّات يلي أجبر التانيين عليها؟ الجواب – قصّة تانية. بس هو نفسه بعمره ما وسّخ إيديه، ضلّه قاعد ورا مكتبه المرتّب عآخر طرز. 



 

نور: أنور ر. متله متل أي انتهازي؛ بيتقلب وبيتلون متل الحرباية يلي بتعرف كيف وايمتا وبأي سياق تغيّر لونها لتندمج بالمحيط يلي قررت تتأقلم معه لتزيد فرص بقاءها. يعني أنور ر. متل العلم يلي بمهب الريح. 

 

تمعّنوا بسيرته الذاتيّة وبخياراته، بتلاقوه عاش حياة مهنيّة مثاليّة دامت عشرات السنين بظل نظام ديكتاتوري، وضل يترفّع بالرتبة ويبذل مجهود إضافي مشان يرضي النخبة الحاكمة، بسبب انتماءه لمذهب إسلامي مختلف.


طيّب، وبعدين؟ ايمتا انقلبت الآية؟ 


أنور ر. دار ضهره لكل هدول الأشياء مشان ينفد بجلده، ومشان يضمن مستقبله بسوريا الجديدة يلي جاية بعد سقوط نظام الأسد. يعني كان بده يضمن إنّه اسمه ينكتب بالمكان الصح بتاريخ البلد. 

اختياره للانشقاق ما كان نابع من قناعته إنّه النظام يلي ضل يخدمه سنوات طويلة طلع فجأة نظام سيء وغلط، لأ. أصلًا هيك فكرة كانت رح تحسسه بإنه كان عم يضحك ع حاله. هو انشق لأن هاد الخيار كان مريح، أو حتّى ضروري: غيّر الخندق وغيّر لونه...  لأن هيك بتعمل الحرباية وقت ما يكون عندها خيار تاني.



 

نايا: أنور ر. عميل مزدوج إله فترة عم يلعب لعبة القط والفار مع أكتر من جهاز استخباراتي ومن ضمنهن الجهاز يلي بيشتغل فيه. خلال حياته، قبض معاشات من جهازين مخابرات، إذا مو أكتر. 

 

انشقاق أنور ما كان حقيقي، لأن بعد ما انشق، ضل يوصّل معلومات للنظام بسوريا. مو بس هيك، ضل يعرض كمان أي خدمات تانية ليلي بيطلبها، طالما هالخدمات كانت مفيدة إله. والقصّة يلي حكاها للشرطة ببرلين عن خوفه من المخابرات يلي عم يلاحقوا ورعبه من إنّه يخطفوه ويقتلوه – مجرّد غطاء محبوك منيح. بس بعدين... الشرطة اعتقلته، ووقتها خسر الدعم من المخابرات بسوريا… بس لحظة شوي... هل فعلًا خسر دعمهن؟

 

نور: أنور ر. ضحيّة تم استغلالها، ووقت طلب المساعدة من السلطات يلي حمته وخلته يعيش على الأراضي الألمانية–هي السلطات قبضت عليه. أنور كان مصدّق إنّه الدولة يلي كانت عاطيته فيزا حماية خاصّة رح تحميه فعلًا، بس بالوقت يلي كان فيه بأمسّ الحاجة للمساعدة، بالوقت يلي كانت فيه حياته بخطر، لقى حاله محبوس ورا القضبان ومتّهم بجرائم فظيعة. وهلأ هو متّهم بأوّل محاكمة بالعالم لجرائم ضدّ الإنسانيّة قاموا فيها ضبّاط سابقين بالنظام السوري. أنور ر.– كبش فدا.



 

نايا: أنور ر. هو الرمز المثالي للنظام ككل، والصورة المثاليّة لنظام مسؤول عن أفظع الجرائم يلي بينفيها وكأنّها ما صارت بكل مرّة حدا بيقدّم أي دليل ضدّه، وبيجاوب على كل الأسئلة المتعلقة فيها بجمل عبثيّة ما إلها علاقة بالمنطق. هيك بيعمل النظام وهادا الشي يلي عم يعمله أنور ر. بمحاكمة كوبلنز.



 

نور: حسب يلّي سمعنا على مدار أكتر من 100 يوم من المحاكمة، أنور ر. ممكن يكون  فعلًا  كل هدول الشخصيّات... بس أي وحدة من هالشخصيات هو أنور الحقيقي؟!

سونيك

نور: اهلا فيكن بحلقة جديدة من بودكاست الفرع 251، أنا نور 

نايا: وأنا نايا، وسوا عم نقدملكم هالبودكاست يلي بنغطي من خلاله محاكمة "فرع الخطيب" يلي عم بتم بمدينة كوبلينز الألمانية. رح نتابع سوا مجريات المحاكمة، ونحكي بعدة مواضيع بتتعلق بالقضية السورية ومسار العدالة فيها.


 

بداية

نور: محاكمة كوبلنز قرّبت تخلص. بحلقة اليوم المكوّنة من جزئين بدنا نتطلع من بعيد ع القصة كلها، ونتطلّع بعيون نقديّة وتفصيليّة على الأسئلة الجوهريّة المتعلّقة بالحكم النهائي: مين هو المدّعى عليه؟ عنجد، مين هو؟

 

نايا: رح نعمل جولة على القضيّة وجلسات المحكمة يلي تمّت لهلأ، رح نتمعّن بالمتّهم، ورح نعاين التوقّعات من الحكم. هالحلقة رح تكون ع جزئين، وهاد الجزء الأوّل. يلّا رح نبلّش.
 



 

الجزء الأوّل: القضيّة المرفوعة ضدّ أنور ر



 

نور: كتير انكتب وانحكى عن محاكمة كوبلنز، عن انور ر. ،اياد أ. وعن كل الاحتمالات الدايرة حوالين محاكمتن… ونحنا، وعبر حلقات هالبدوكاست بموسمه الاول والتاني، وبنسخته الانجليزية، حاولنا نقربكن قد ما منقدر على كل المستجدات المتعلقة بهالمحاكمة من قلب محكمة كوبلنز. وزميلتنا هنا الهيتمي كانت وما زالت عم تطل عليكن مرة كل اسبوعين لتشاركن هاي المستجدات…  

 

بحلقة اليوم، وبسؤالنا يلي عم نطرحو بالتحديد، بعدنا عم نلاقي انو مو كل يلي عم ينحكا وينكتب دقيق. لهيك تواصلنا مع هنا الهيتمي يلي حضرت تقريبا كل جلسات المحاكمة، وسألناها شو بتعرف عن هالقصّة… 

 

نايا: خبرتنا هنا انو وحدة من الأساطير يلي تمّ إعادة إنتاجها بالتغطية الإعلاميّة للمحاكمة، هي إلقاء القبض على أنور ر. بعد ما التقى فيه المحامي السوري أنور البني بالصدفة ببرلين قدام بيت اللاجئين. هنن فعلًا التقوا بالصدفة، بس هي الرواية مجرّد قصّة عليها إقبال: إنّه شوفوا، ناس مختلفين من قطبين متضادين من وسط حقوق الإنسان السوري التقوا بنفس المكان بألمانيا... بس بداية القضيّة ما إلها علاقة بهي السرديّة.

 

نور: مزبوط، ابدا مو هيك. بس هنا نفسها ذكرتلنا انو هي كمان كان عندها سوء فهم للموضوع، وانها كانت مفكرة انو هو راح اشتكى للمخابرات بال 2015 عن خوفه من انو عم يكون ملاحق من قبل المخابرات السورية وانو بسبب هالشكوى بلش كل الموضوع.  لكن موخرا توضحت لهنا الصورة المزبوطة للأحداث. وقالتلنا التالي:

 

بال 2017،  الشرطة في جنوب المانيا طلبت من انور ر. انو يحضر لحتى يدلي بشهادتو بقضية احد المشتبهين فيهن، وهو رجل مخابرات سابق سوري الجنسية. تم ادعاء انور ر. ليدلي بشهادته لانو منشق آخر رشّح اسمه للشرطة.  

 

راح ليقدم شهادتو، وتبين بعد وقت قصير انو ما قدر يفيدهن، لانو هو كان يشتغل بفرع تاني… لكنه بنفس الوقت خلال تقديم هي الشهادة شارك معلومات عن طبيعة عمله السابق كضابط، وعن الاعتقالات التعسفية والاستجوابات يلي كانوا يجروها والي بين قوسين (ما بيقدر يضل الضابط فيها محافط على التزامه). 
تم إحالة هي الشهادة للشرطة الفيدرالية يلي بلشت بوقتها تجمع معلومات عن انور ر. على اعتبار أنه شخص مشتبه فيه. 

 

بتكمل هنا وبتقول، انو بطريقة ما، انور ر. سلّم نفسه بشكل غير مباشر بعد ما حس بالأمان الكبير محل ما كان موجود، كهارب ولاجئ في ألمانيا، وما فكر أنو ماضيه رح يرجع ويلاحقو. 

 

وهيك بتكون وضحتلنا الصورة المزبوطة عن الاحداث،  بس بعدو مُلفت أنو نسمع أنه كان خايف من المخابرات الي كانت عم تلاحقة في ألمانيا، الشي يلي خلاه يطلب المساعدة من الشرطة الألمانية... 

هل رجع انذكر هالشي  خلال المحاكمة؟ 

 

نايا: بتقول هنا انو هالموضوع رجع انذكر اكتر من مرة بالمحاكمة، إنّه أنور ر. كان عنده بارانويا. 

بعض الشهود يلي التقوا فيه بعد انشقاقه تذكّروا إنّه أنور كان خايف من وقت ما كان بده يترك البلد ويروح على الأردن. وعلى الأغلب كان عنده أسباب حقيقيّة ليخاف. واحد من الشهود، ضابط منشق، صاحب رتبة عالية بالجيش السوري، قال: «كان بيعرف لصالح مين بيشتغل وبيعرف شو بيقدروا يعملوا.»
 



 

شو الأدلّة يلي اتقدّمت ضدّه؟

 

نور: بعض المدَّعى عليهن بينفوا من الأساس أي تهم موجّهة إلهن. بس هل تكرّر هالشي بقضيّة أنور ر.؟



 

نايا: بتقول مراسلتنا هنا الهيتمي انو بشكل عام، بعمره ما كان في شك بإنّه أنور ر. كان يشتغل بالفرع وإنّه كان عقيد وإنّه كان مسؤول عن التحقيقات بحكم رتبته. يعني كل المعلومات يلّي اتجمّعت عن الفرع 251 من بداية المحاكمة ممكن نعتبرها أدّلة ضدّه: كل الشهود والشاهدات الناجيين يلي وصفوا الظروف اللاإنسانيّة بالسجن الموجود تحت الأرض ونقص الأكل وانعدام النضافة والعناية الطبّيّة... كلّها أدّلة اعتبرتها المحكمة شكل من أشكال التعذيب. وطبعًا غير هيك، في عندِك التعذيب الفعلي يلي كان يصير خلال التحقيقات.



 

نور: من الحكم يلي صدر بالقضيّة المرفوعة ضد إياد ا.، منعرف إنّه هي الجرائم تمّت بإطار عنف ممنهج ومنتشر وممارس على المدنيّين والمدنيّات، مشان هيك يُعتبروا جرائم ضدّ الإنسانيّة. خلال الفترة الأولى من المحاكمة، المدّعي العام قدّم كتير أدّلة بتثبتها، وناقشناها بهاد البودكاست، ومنها: شهادة حفّار القبور، صور قيصر، الشهود السوريين الخبراء، وغيرهن… 
بس شو كان دور أنور ر. بالضبط بهدول الجرائم؟



 

نايا: قالت هنا انو بالبيان الأوّل يلي قدّمه بشهر أيّار 2020، أنور ر. قال إنّه هو ما أمر بالتعذيب ولا دعمه، وإنّه ما كان يعرف بحوادث الموت يلي كانت تصير خلال تواجده بالفرع، لأن لو قال غير هيك، كان رح يكون مسؤول عنها قدّام القضاء.



 

نور: بس هو أكّد إنّه كان موجود بالفرع وإنّه كان مدير التحقيق طول فترة  الاتّهام، يعني من نيسان 2011 لغاية أيلول 2012. مزبوط؟

 

نايا: مزبوط، هو كان موجود بفرع الخطيب، أو الفرع 251، وبفرع تاني شبيه، فرع 285، لكن لفترة قصيرة. بس ولا واحد من الشهود قال إنّه أنور ر. كان يعذّب بإيده أو هو نفسه، وانما السجّانين هنّن يلي كانوا مسؤولين عن التعذيب. 

 

احد الشهود قال إنّه أنور ر. ضربه على وجهه، بس هالشهادة كانت كتير مختلفة عن شهادات باقي الأشخاص يلي التقوا بأنور ر. بشكل شخصي. الصورة العامّة بتبيّن إنّه هو ما كان من النوع يلي بإيدو بيعتدي على حدا جسديًّا. بس بعض الشهود أكّدوا إنّه كانوا يدخلوا على مكتبه وعلى أجسادهن في كدمات ناتجة عن التعذيب، وإنّه فوق كانت صرخات المعتقلين والمعتقلات مسموعة. معناته، المفروض إنّه هو كان بيعرف شو عم يصير بالفرع. 

 

في شهود التقوا فيه بالسجن، بس أغلبهن بيتذكّروه كشخص حبّاب، بيضيّف شاي ودخّان وبيحكي معهن بمنطق. وحدة من المدّعيين قالت إنّه كان يحكي معها بنبرة العمّو الظريف، بس رفض طلبها المتكرّر بالنقل على زنزانة مشتركة وقت كانت حاسّة حالها عم تجن بالحبس الانفرادي.



 

نور: يعني سمعنا عن بعض المواقف يلي كان فيها سلوكه منيح مع المعتقلين والمعتقلات، بس كمان سمعنا شهادات تانية بتوحي بإنّه كان جزء من لعبة نفسيّة بتعتمد على الترهيب من جهة والتعاطف من جهة تانية. 



 

نايا: فعلًا، في شهود قالوا إنّه كان يتم تعذيبهن دغري بعد ما يحقّق معهن أنور ر.، لهيك افترضوا إنّه هاد الشي كان جزء من روتين التحقيق: بعد تحقيق معقول نوعًا ما، إذا ما كان الحكي يلي يحكوه مرضي للمحقّق، كان يتم تعذيبهن بغاية كسرهن قبل موعد الاستجواب الجاية. 



 

نور: وكيف تعامل الدفاع مع هالموضوع؟ 



 

نايا: ذكرتلنا هنا انو جرّب أكتر من مرّة إنّه يطعن بمصداقيّة شهادات معيّنة، على أساس إنها متناقضة أو إنه تم التلاعب فيها. بس بوجود 4000 حالة تعذيب موثّقة و68 حالة قتل وعدّة حالات اعتداء جنسي، التشكيك ببعض الشهادات الفرديّة صعب يشكّك بالتهم الموجّهة ككل. 



 

نور: يبدو إنّه الدفاع كان عم يحاول يشكّك بشهادات معيّنة مشان المحكمة ما تقدر تثبّت التهمة عليه ، يعني «بما لا يدعُ مجالًا للشكّ». بس أكيد هي ما كانت استراتيجيّة الدفاع الوحيدة.

متل ما ذكرنا قبل شوي، الدفاع ما حاول ينكر إنّه أنور ر. كان موجود بالفرع أو إنّه كان عقيد أو إنّه كان مدير التحقيق. 

هنا قالتلنا انو أنور ر. بيدّعي إنّه ساعد كتير من المعتقلين والمعتقلات، لدرجة إنّه رؤساءه بطّلوا يوثقوا فيه وتركوه بالفرع «مَنظَر»، من غير أي سلطة فعليّة. 


وكمان بيدّعي إنّه نقله لفرع 285 كان بدافع العقاب على سلوكه. المحامين تبعه عم يقولوا إنّه توازن القوى بالمخابرات قائم على الدين أكتر من الرتبة، وإنّه كون أنور سنّي، كانت سلطته أقل بكتير من سلطة زملاءه العلويّين، لهيك أي حركة غلط منّه كان ممكن تكلفه حياته. 



 

نايا: يعني الدفاع عم يصوره كشخص كان علقان برتبة عالية نسبيًّا بس من غير أي مسؤوليّة فعليّة. بشكل أو بآخر، الدفاع كان عم يجرّب يبّعد القضاة عن توجيه أي إدانة إله كمشارك بارتكاب الجريمة. 

 

هَنا كمان قالت انو هيك يبدو الوضع، بس مع هالشي، في وثائق قدّمتها لجنة العدالة والمساءلة الدوليّة بتورجي توقيعه على وثائق داخليّة خاصّة بفرع 251، وقت كان عضو بلجنة الأزمات يلي كانت تاخد قرارات بخصوص بعض المعتقلات والمعتقلين. 

 

في شاهد مقرّب منّه قال إنّه لغاية انشقاق أنور ر. وحتّى بعد ما تم نقله على فرع 285، أنور ر. كان عنده سيّارة خدمة ومكتب خاص وآذن خاص بيعملّه شاي. ولا حدا من الشهود المقربين من النظام أكّدوا إنهن سمعوا عن أي حالة تم فيها إبقاء ضبّاط مغضوب عليهن بمناصبهن من غير سلطة. بالعكس تمامًا، في أكتر من حدا من هدول الشهود ذكروا إنّه كان في ضبّاط سلوكهن وولاءهن للنظام كان صعب يتشكّك فيه، ومع هيك تم سجنهن أو تعذيبهن أو قتلهن أو استبعادهن. 



 

نور: وثائق بتحمل توقيع المتّهم بتُعتبر دليل أساسي بأي تحقيق جنائي دولي. ووجود هي الأدّلة مع الشهادات بيصعّب على أنور ر. إنّه يطلع من هالقضيّة بريء. 

 



 

أدّلة لصالحه؟



 

نور: خلّينا نرجع شوي لاستراتيجيّات الدفاع. كيف حاولوا المحامين تبعه إثبات فكرة إنّه بالرغم من منصبه، ما كان عنده أي سلطة حقيقيّة؟

 

نايا: حسب ما بتتذكّر هنا، الدفاع ما كان عنده وقائع بتثبت إنّه أنور ر. ما كان عنده سلطة حقيقيّة بالفرع. كان في بس حدا من قرايبينه أكّد إنّه أنور ر. كان حاكيله هالشي. بس بما إنّه هو بيدّعي إنّه السبب بخسارة سلطته كانت مساندته للمعتقلين والمعتقلات وتعاطفه مع الثورة، الدفاع ركّز على خصائص شخصيته كحجّة. 

 

بعض الشهود حكوا تفاصيل عن شخصيته لأنور ر. بتدعمه… عم تحكي هنا هون عن بعض الشهود يلي سبق وحكت عنهن ويلي هنن معتقلين ومعتقلات سابقين عاملهن انور بطريقة كويسة. وعلى فكرة، هو رجع التقى ببعض منهن بالأردن وبتركيا.

 اتنين من الشهود يلي كانوا يشتغلوا معه ويلي كانوا أقل رتبة منه، قالوا إنّه أنور ر. كان مدير لطيف ومحترم، وإنّه كان يعاملهن بطريقة كويسة ويسلّم عليهن، وهالشي ما كان يصير مع ضبّاط تانيين بمناصب عالية. 

 

واحد من ضباط الجيش المنشقّين قال إنّه أنور ر. تعاون مع المخابرات الأردنيّة بعد انشقاقه، وقدّملهن وثائق داخلية كان جايبها معه، وإنّه ساعدهن يلاقوا طرق هروب آمنة للمدنيّين والمدنيّات يلي كانوا عم يهربوا بهداك الوقت من سوريا. وأكتر من حدا من شهود الدفاع قالوا إنّه أنور ر. كان بدّه ينشق قبل بكتير، بس بوقتها ما كان بيقدر يطالع عيلته معه، مشان هيك انتظر...  

انحكى كتير كمان عن كل الشغل يلي عمله لصالح المعارضة بعد ما ترك سوريا، حتّى إنّه شارك بوفد المعارضة في محادثات السلام بجنيف بالـ 2014. 

 

نور: "ههههه" عم بلّش حس إنّه عم نوصل لمكان بهالقصّة، يلّي يبدو إنها مركّبة من طبقات كتيرة. شكله أنور ر. مو شخصيّة وحدة، بل شخصيّات كتيرة بجسم واحد!



 

نايا: أكيد هو شخص واحد بس صعب نعرف وجهه الحقيقي…  

بتقول هنا انو من جهة، يبدو إنّه هو فعلًا حاول يغيّر ولاؤه، بس من جهة تانية، في كتير شكوك حول هاد الموضوع. يعني، مثلًا، بكوبلنز استحضروا جلسة استماع بنته الخاصّة بعمليّة تقديمها على لجوء، وقرأوا مقتطفات منها، وكانت حاكية فيها إنّهن تركوا سوريا بعد هجوم شنّه الجيش السوري الحر عليهم، ويلي كان رح ينقتل فيه أخوها، يعني إبنه لأنور ر. يبدو إنّه وقتها الجيش الحر هدّد أنور ر. إنّه الدور جاية عليه.

طبعًا، كتير منطقي الواحد يترك البلد بعد ما إبنه ينجو من الموت على شعرة، بس هالشي بيطرح تساؤل منطقي عن السبب الحقيقي للهروب من البلد: هل هو هرب لأنّه فعلًا انقلب على النظام، ولا كان بس بده يحافظ على سلامة عيلته؟ 

 

نور: وغير هيك نايا، نواياه المشكوك بأمرها بتورجينا جانب من شخصيته.

بس شو مشان الجرائم يلي هو متّهم فيها؟ يعني بالآخر، هاد هو الشي الأساسي يلي بدها تنظر المحكمة فيه، صح؟

 

نايا: صحيح، النيابة حاججت أكتر من مرّة إنّه سلوكه بعد الانشقاق أو رغبته بالانشقاق أبكر أو رأيه بالثورة ما بغيروا شي من واقعة إنّه أنور ر. كان مسؤول عن الجرائم المزعومة. لكن هنا بتقول انو مع هيك، هي الأمور ممكن تأثّر على الحكم، يعني بيفرق إذا كان مقتنع بيلّي عم يعمله ولّا قام بالجرائم المزعومة غصب عنّه وبسبب الضغط والخطر المحتمل على حياته وحياة عيلته. 

 

نور: هدول ممكن يكونوا «ظروف مخفّفة»، متل ما بيقولوا. المحكمة شرحت إنّه القُضاة ممكن ياخدوا الظروف المخفّفة بعين الاعتبار. وهاد الجانب التقني القانوني ما رح يكون الجانب الوحيد يلي ممكن يفرق بالحكم المحتمل بقضيّة أنور ر.، فيما لو تمّت إدانته.

 

ولحتى نفهم الجوانب القانونيّة التقنيّة أكتر، تواصلنا مع أنطونيا كلاين، مستشارة قانونيّة بالمركز الأوروبّي للحقوق الدستوريّة وحقوق الإنسان. أنطونيا تابعت المحاكمة عن قرب وحدّثتنا أكتر عن اهمية فهم هي العوامل. 

 

بالبداية سألناها عن توقّعاتها الحاليّة بخصوص الحكم بهي القضيّة. 

 

أنطونيا: لهلأ يبدو إنه الجرائم ضدّ الإنسانيّة، ويلي بتضمّن القتل والقتل المتعمد والتعذيب وسلب الحريّة القاسي والعنف الجنسي، رح تثبت، و إذا تمّت إدانة أنور ر. كمشارك في جرائم قتل عمد، فهو رح يواجه بالضرورة عقوبة السجن مدى الحياة.

 

وبالقانون الألماني، هالشي بيعني إنّه رح يُسجن 15 سنة وأكتر. 

 

نايا: يعني إذا تمّت إدانته بالقتل «كمشارك» بالجريمة، المحكمة رح تضطّر تحكم عليه بالسجن مدى الحياة. طيّب لو ما تمّت إدانته كمشارك بالجريمة، شو الصفات التانية يلي ممكن يتم إدانته فيها؟

 

أنطونيا: يبدو إنّه الدفاع عم يسعى لإنه الإدانة تكون بصفة المساعدة والتحريض على القتل والجرائم ضدّ الإنسانيّة. بهالحالة، بيتخفّض الحكم من لـ 3-15 سنة حبس وبيكون الحكم محدّد. 

 

نور: من 3 لـ 15 سنة... المجال واسع كتير! بس كيف بيتحدّد عدد السنوات بالآخر؟ هل الظروف المخفّفة بتلعب دور بهالشي؟ 

 

أنطونيا: مدّة الحكم المحدّدة بتعتمد على عدّة عوامل، ومنها عدد الضحايا الكبير، الجرائم الأخرى يلي تم تنفيذها وتبعاتها، متل العنف الجنسي مثلًا والتعذيب... بس كمان طبعًا في عوامل تانية، متل إنّه انشق، وإنّه حكى كل شي... يعني في كتير عوامل رح تلعب دور. 

 

أنطونيا: برأيي، خيار الـ 3 سنوات نظري، لأن إذا اتطّلعنا على عدد الضحايا الكبير وعدد جرائم القتل والقتل المتعمّد وإنّه في عنف جنسي كمان، يبدو إنّه رح يكون صعب يكتفوا بـ 3 سنين. غير هيك، خلّينا نتذكّر الحكم على إياد ا. يلّي بالمقارنة مع أنو ر. كان دوره أصغر بكتير برأيي، فبناءً على الحكم يلي صدر ضدّه، بقول إنّه صعب الحكم يكون 3 سنين بس. 



 

نايا: تمام، خلّينا نرتّب الأفكار سريعًا؛ أنطونيا بتعتقد إنّه الإدانة مرجّحة وإنّه التهم رح تثبت. وإنّه نوع العقوبة بيعتمد على كيفية تصنيف المحكمة لهي التهم. العقوبة ممكن تتراوح بين سجن 3 سنوات وحبس مدى الحياة. 

هون في نقطة مهمّة: «السجن مدى الحياة» بألمانيا ما بيعني إنّه الشخص رح يقضّي طول حياته بالحبس. 



 

أنطونيا: نعم، بعتقد هالنقطة فعلًا مهمّة، لأن صياغة «الحبس مدى الحياة» بالقانون الألماني كتير بتشوّش. بالقانون الألماني، كل شخص عنده حق إمكانيّة استعادة حرّيته بالخروج من السجن قبل نهاية حياته. انطلاقًا من هاد المبدأ، القانون بيسمح بالإفراج المشروط بعد 15 سنة، بس بـ 3 شروط. أوّل شرط هو أقل واحد مثير للاهتمام برأيي، ويلي هو إنّه المسجون يوافق على الإفراج المشروط. الشرط التاني هو إنّه شدّة الذنب يلي اقترفه الشخص ما يكون بيستدعي استمراريّة الحبس. رح إتوسّع بهي النقطة بعدين. والشرط التالت، هو إنّه