هل يمكن لمدينة أن تصبح سجينة لحكّامها وسجّانة لمواطنيها؟ كيف يمكن لمدن أن تبنى وتُدار بطريقة استخبارتية وأن يصبح مواطنوها مهدّدين لأمنها؟
تعرّفوا أكتر عن التخطيط العسكري للمدن وعلاقته بالعسكرة والأمن والخوف في الحلقة الأولى من الموسم الثاني من بودكاست الفرع ٢٥١: جرائم سوريّة قيد المحاكمة
تحذير: هذه الحلقة تحتوي وصف للأفرع الأمنية والسجون، لذلك وجب التنويه
يغطي بودكاست "الفرع ٢٥١: جرائم سورية قيد المحاكمة" مجريات المحاكمة التاريخية الخاصة بجرائم ارتكبت في سوريا، والمعروفة باسم محاكمة "فرع الخطيب"، والتي تتم في مدينة كوبلينز الألمانية. نقدم لكم حلقات رئيسية مرتين شهريا ونشارك معكم بين كل حلقة رئيسية وأُخرى تحديثاً يتعلق بمُجرَيات المحاكمة. تابعونا عبر تويتر وعلى منصات الاستماع المختلفة
كتابة وتقديم نايا سكاف، مشاركة في التقديم نور حمادة، تحرير فريتز سترايف، إنتاج وتحرير سليم سلامه، ومن النشر والتواصل فرح أبو السّل
٧٥ Podcasts نشر وتوزيع
ZIVIK قمنا بإنتاج هذه الحلقة بدعم من وزارة الخارجية الألمانية عبر معهد العلاقات الخارجية وبرنامج تمويل
laurenshebly.n تصميم الغلاف
James Lawler Duggan/AFP/Getty Images صورة الغلاف
sessions.blue مقاطع موسيقية من موقع
مصادر تم ذكرها في الحلقة
نايا: فيه مقولة لباحث وفيلسوف شهير اسمو لويس مامفورد بيقول فيها إنو المدن بشكل طبيعي هي بحالة حرب دائمة مع المدن التانية، وبنفس الوقت هي بحالة دفاع طبيعية عن نفسها، وهالشي واضح بالتحصينات وآليات الدفاع وتقينات المراقبة يلي بتستخدمها المدينة ضد الأعداء الخارجيين وخاصة إنو الحروب كانت تصير خارج أسوار المدن.
الهدف الأصلي لهي الآليات هي الحفاظ على الأمن وبث الطمأنينة بين السكان من خلال حماية الحدود من الأعداء الخارجيين.
هالشي تجسد تاريخيا ببناء الأسوار، ونوافذ المراقبة والغرف يلي بتطل على بوابات المدن لتقرر مين بيقدر يدخل ومين لاء.
بالقرن العشرين، اتحولت فراغات المدن نفسها مو بس لساحة حرب، وإنما كوسيلة لشن هالحرب، ومكان لممارسة السلطة والهيمنة ومكان لتجلي الشعور بالخوف، ومراقبة العناصر المهددة والمخربة وإخضاعها.
خلال ال100 سنة الماضية بشكل خاص أصبحت هي الأمور تمارس تجاه سكان المدن نفسهم بسبب تهديدهم للسلطة الحاكمة للمدينة أو البلد يلي بحتوي هي المدينة. من الامثلة الحديثة على هالشي، هو يلي صار بسوريا بال 2012؛ بعد اندلاع الثورة السورية، وكمحاولة للسيطرة على المندسين والمخربين متل ما بتشوفهن الدولة، قطعت السلطات السورية الإنترنت وشبكات الهاتف لأكثر من 48 ساعة، هالإجراء تم إدانته من منظمة مراسلون بلا حدود، يلي وضعت سوريا كوحدة من خمس دول على قائمتها "أعداء الدولة على الإنترنت" لشهر أذار عام 2013.
حكومات هي الدول بتشارك بمراقبة شديدة لمنصات الأخبار وما يتم نشره عموما على الصفحات الإخبارية أو الصفحات الخاصة، الشي يلي أدى لانتهاكات جسيمة لحرية المعلومات وحقوق الإنسان بإجراءات متضمنة اعتراض مكالمات سكايب وهجمات فيروسات وبرامج ضارة وغيرها . وهالشي أدى لاعتقالات كبيرة جدا للناشطين وتعذيبهم لاستخراج معلومات منهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نور: اهلا فيكن بالحلقة الأولى من موسم تاني جديد من بودكاست الفرع 251: جرائم سورية قيد المحاكمة. انا نور حمادة، محامية سورية اميركية وبشتغل بالقانون الدولي. رافقتكن خلال الموسم الأول من البودكاست مع زميلي آسر خطّاب يلّي ودّعنا بنهاية الموسم الماضي. وهالموسم رح قدملكن اياه مع زميلتي الصحفية نايا سكاف، يلي كتبت هاي الحلقة بعد بحث وقراءات مطولين، مرحبا نايا!
نايا: اهلا نور، واهلا فيكن بموسم جديد من بودكاست الفرع 251، أنا صحفية، باحثة ومقدمة سورية مستقلة ورح كون جزء من عيلة البودكاست لهالموسم. ومزبوط، هالنص هو نتاج بحث لكن بنصح المستمعين كمان اذا مهتمين يقرأوا كتاب مدن تحت الحصار ل ستيفن غراهام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بداية
نور: لنفهم أكتر عن الفرع 251 لازم نرجع شوي لورا ونحاول نفهم طبيعة تشكل المدينة العسكرية أو الأمنية وكيف اتخططت عسكريا وظهر المشهد الأمني فيها.
نايا: الدول على مر التاريخ مرت بأنظمة حكم كتيرة وارتكزت على سلطات حكم متعددة ، إحدى هي السلطات والقوى هي قوة السيادة يلي أسست لمجتمعات طيّعة للأنظمة بشكل تام منقادة ورا مؤسسات تأديبية، بظاهرها بتنظم نشاطات الناس وسلوكهم وعاداتهم، ولكنها بباطن الأمر بتأدبهم وبتضبط تحركاتهم وبتراقبها، متل المدارس وثكنات الجيش والسجون. حتى تجسدها المكاني والمبني بيعتمد على العمارة الصّرحيّة، يلي بتمجّد أصحاب هي القوة أو الحكام.
الدول الأوربية وصلت لشكلها الحديث بالحكم بالقرنين 16-17 وبسبب سلطتها المطلقة واستعمارها لكثير من البلدان الأخرى صارت مدنها تتوسع، وأصبحت بحاجة لتنضبط وتتخطط بحيث تضمن أمن الدولة ونظامها الحاكم، وهون ظهر التخطيط العسكري القديم للمدن بوجود قلاع وأبراج وأسوار ، واندعم بممارسات تحكم وقمع وتعذيب، مو بس بالدولة نفسها لكن بالدول الواقعة تحت سيطرتها.
بوقتها أنظمة الحكم الأوروبية اتعاملت ببطش ووحشية مع أي ثورة أو انتفاضة أو حركة تحرر، وشيطنت وقمعت وجردت الثائرين من إنسانيتهم، إما باستخدام العنف أو الإبادة المطلقة، سواءً كانت ثوراتهم مجتمعية أو مطالبة بحقوق أقليات أو حركات استقلال.
نور: ستيفن غراهام مؤلف كتاب مدن تحت الحصار بيقول إنو أنظمة هالدول كانت بتجرب مظاهر العسكرة وقوة السيادة بالمدن النامية المُحتلة أولا وبعدها بتطبقها بمدنها المحلية، بتأثير راجع أو ما يسمى ب(boomerang) وبالقرن 19 كان ما يسمى "العالم التالت" ومنه منطقتنا العربية والشمال افريقية ساحة اختبار للإجراءات الأمنية وممارسات الاستهداف Targeting، وحقل تجارب لتقنيات التحكم وتهدئة الثورات وعسكرة المدن ومراقبة المواطنين، فاتجربت عنا، وبعدين رجعوا استخدموها بمدنهن المحلية بالأحياء المتمردة، متل ما صار بالجزائر العاصمة وضواحي باريس.
نايا: بالجزائر أعاد المارشال بيجو تنظيم أحياء كاملة في الجزائر العاصمة بعد هدم كامل ووحشي إلها ضمن استراتيجيته لإيقاف انتصارات المقاومة. واستخدم نفس المخطط في باريس لإضعاف الثائرين هونيك من خلال تخطيط جادات عسكرية عريضة لإيقاف تقدم الثوار، وهي الجادات اللي كان أوسمان تبناها في أفكاره.
أما في سوريا، تحديداً في دمشق، استقر الثوار بالغوطة كقاعدة انطلاق لمهاجمة مراكز الاحتلال الفرنسي ومباني قياداته بدمشق القديمة بعد اندلاع الثورة السورية الكبرى عام 1925. حاولت السلطات الفرنسية وقتها السيطرة على المدينة وتأمين استقرارها، وأحاطتها بالأسلاك الشائكة – سامحةً بعدد محدود من المداخل – وردّت على هجمات الثوار بمحو جزء من منطقة العقيبة و شقت شارعين، واحد منن شارع بغداد، مطرح ما تم بناء الفرع 251 وافرع تانيه كتيره غيرو لاحقا، وشارع الملك فيصل، وهالشي بهدف قطع إمدادات ثوار الغوطة وعزل المدينة القديمة عنهم. ووقت ما قدرت قوات الاحتلال الفرنسي تسيطر على المقاومة، حدثت أول عملية إبادة عمرانية في تاريخ المدينة الحديث، فانقصفت المدينة القديمة بالمدفعية المنصوبة على جبال المزة (التي لم تكن مأهولة في ذلك الوقت) وبالطائرات لمدة يومين، ما أدى إلى تدمير عدة أحياء خاصة في المدينة القديمة، مثل حي سيدي عمود الشهير والمسمى منذ ذلك الحين حي الحريقة، والشارع المستقيم في سوق مدحت باشا.
نور: هالشي بيعني أنو المدن المستعمرَة والمستعمِرة بتتشارك بكتير عناصر، متل الحدود ونقاط التفتيش والأسوار والمناطق المحمية والسجون، وبوجود أحياء ذات طبيعة إثنية وطائفية، وانتشار قواعد عسكرية حول المناطق المالية، بالإضافة لبناء الجادات العريضة ، والسجون البانوبتيكية وهاد موضوع بدنا نوقف عندو.
البانوبتيكون هو مبدأ تصميمي لمؤسسات مراقبة وحجر جماعية حطو الفيلسوف الإنكليزي جيرمي بيثنام، بتجسد بكونه مبنى دائري، مؤلف من زنزانات على محيط الدائرة تحت مراقبة شديدة ودائمة من حراس موجودين ببرج مركزي بيمثل مصدر القوة الكلي. السجن البانوبتيكي بيضمن عدة أمور متل المراقبة وحفظ الأمن والعزل والشفافية. وكل هالأمور ضرورية لتتبع تحركات السجين وتسجيل عاداته وحالاته النفسية، وحفظها بتقارير ورقمنتها.
مفهوم البانوبتيكون عبر بشكل قوي وواضح عن إدارة القوة عبر الفراغ، وأسّس لهندسة السيطرة المعماريةـ وانتشار المشهد الأمني بالمدينة لأنو سلطتو مرئية بس ما منقدر نتحقق منها أي إذا كان الحراس موجودين فعلا أم لا.
تجسّدت عمارة السيطرة البانوبتيكونية بكل سوريا بمشاهد الكل بيعرفها، بوجود الأفرع الأمنية يلي بتحبس المواطنين لأدنى شك تجاههم، يعني الأفرع الأمنية بكل سوريا وبمدينة دمشق تحديدا سيطرت على مشهد المدينة بحيث مافي تجمع لأحياء ما له مراقب بطريقة ما، ولكن البانوبتيكون يلي سيطر على سما دمشق بشكل رئيسي بيتجسد بالقصر الرئاسي الموجود بقمة جبل قاسيون يلي صممه المعماري كنزو تانغه بالثمانينات، بطريقة سمحت لقائد البلاد الحاضر-الغائب أنو يشوف مساجينه من برجه المطلّ على المدينة السجينة، محبوسين حتى تثبت براءتهم.
خلال القرن العشرين، وبسبب الحروب يلي صارت، ازدادت الحاجة لتحصين المدن، وظهر التخطيط العسكري الجديد يلي بلش وقت صارت فراغات الحياة اليومية العامة والخاصة وحتى السكان نفسهن إما أهداف للحرب أو تهديدات لأمن الأنظمة. وهالشي صار حجة لتوسيع أمور المراقبة وتحديد هوية العناصر الغريبة، و استهداف الفراغ اليومي وشبكات الحياة اليومية والسيطرة عليهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نايا: فكرة التخطيط العسكري الجديد بتدور حول تحصين المدينة وتكثيف المظاهر العسكرية والأمنية للحياة فيها، هالشي بيعني أنو العسكرة والأمن والخوف هنن العناصر الأساسية إلو
خلال حديثنا اليوم، رح نركز على الأمن والخوف لصلتهم الوثيقة بالفروع الأمنية العديدة بالبلد ومنهن الفرع 251.
أمن المدن الغربية بالقرن العشرين اقترن بالأنظمة العسكرية، وكان العذر الأمني هو المبرر لكل عملية عسكرية من قبل ولهلأ. وبارتفاع معدلات الهجمات بالعالم كله، تم تطبيع مبدأ «الدفاع من أجل الأمن» وأصبح الإقصاء وجنون الشك جزءاً لا يتجزأ من إجراءات الأمن، أو على الأقل سمة لا يمكن التخلي عنها. واختفت الفروق بين السلم والحرب وبين الشرطة والاستخبارات والجيش بمستوياتهم المحلية والوطنية والعالمية، طبعا الشرق والغرب بيشتاركوا بهالسمات وماعاد مقصورة عالدول الغربية
الأمن بيعني أساسا حماية المجتمع من أي أعمال إجرامية مخطط إلها، وهومع إنو بيبدا من قيم سامية، إلا إنه على أرض الواقع، ما بيهتم كتير لا بالقوانين ولا بحقوق الإنسان، الشي الوحيد يلي بيهم القائمين عليه هو ملاحقة الأفراد أو التجمعات يلي ممكن تعتبر مهددة أو مخربة أو مندسة، ومعاملتهم كأشياء ليعطوا معلومات عن اشتراكهم بأي أفعال أو نشاطات وهالشي كلو تحت مسمى الأمن القومي أو الوطني، والغاية السامية بتبررها إي تقنيات أو أجهزة أو أفعال ذات طبيعة وحشية، هالشي واضح بسوريا
الأمن من ناحية تانية متعلق بالمجتمع وتركيبته الاجتماعية وبالثقافة الخاصة فيه، وبيتأثر بالسياسات المطبقة بالمجتمع، وهوبيغذي وبيتغذى على شي أساسي.. وهو الخوف
الخوف هو عملة تستخدم لتبرير أي قضية، عسكرة المدن غذت سياسات الخوف، يلي أثرت على تخطيط مدننا العربية، لتعزيز أشكال الإقصاء للناس والآخرين، بحيث الناس تخاف من بعضها، وهالشي بسوريا مملكة الخوف كان واضح، وعبارة الحيطان إلها أذان، هي العبارة يلي ممكن تشرح وضع سوريا تماما. فالخوف بسوريا اتولد من حياتنا اليومية ومن مشاعرنا وهواجسنا الخاصة بما يتعلق بعدم تحدي سلطة حزب البعث وعائلة الأسد أو مخلوف، وبرتبط بممارسات البروباغاندا والتضليل الإعلامي، وخطابات التخويف المجتمعية بتحديد الأشخاص المهدِّدين والحكم عليهم. اللي بتنطوي على عمليات وصْم وتهميش وتطويق بترجع بتعيد تخطيط وإنتاج مساحات الإقصاء للآخرين. هادا الشي واضح بتجريم الثائرين أو المعارضين لحكم الأسد ويلي كانوا ساكنين بمناطق تم الاستيلاء عليها إن كان بداريا أو جوبر أوقدسيا وكيف الخطاب الرسمي بيخوف العالم من هدول الناس وكأنهن ارتكبوا جرم كبير وقت قالوا لاء!
كمان، الخوف هو أداة للسلطة الحاكمة لتسيطر على الشعوب، هو مجموعة مشاعر بتخلقها لتشل حركة وتفكير وفعالية الناس نفسهم. ودائما تم تصدير هي المشاعر كنقيض لأمن الناس وأمن البلد. بالخوف، بتتكرّس صناعة الحدود الداخلية ضمن المدن، وخلق مجتمعات ضمن مجتمعات والسيطرة عليها والتلاعب بمصالحها والتأثير سلبا على النسيج الاجتماعي للمدينة يلي بيصير مفعم بالذعر نتيجة سياسات التخطيط الحديث. وهالشي كان واضح بالتجييش يلي ألب فيه النظام مؤيديه وطرح فكرة الاندساس وكيف إنو الثوار رح يقتلوا الناس المختلفين من الطائفة العلوية أو المسيحية مثلا، وكيف انزووا بمناطق خاصة فيهن.
مشاهد الخوف أو فراغات الخوف متعددة وواضحة، وتجسيد للتخطيط العسكري الحديث للمدينة، رح نكتفي بالحكي عن واحد من أهم هالمشاهد وهو مناطق التحكم، يلي يستخدم نسخة جديدة من البانوبتيكون. هي المناطق بتطبق القوة باستخدام الكاميرات وأجهزة الاستشعار، يلي بتدل على سلطة يمكن التحقق من وجودها ولكنها غير مرئية، لأنو عم تراقب وتشاهد وتسجّل وتمحّص أنشطة الأفراد
نور: كاميرات المراقبة (سي سي تي في) غزت الفراغات المدينية بكل أنحاء العالم، وخاصة بعد تطور التقنيات يلي خلت الأجهزة أرخص وأصغر وأكفأ. وهي بطريقة ما بتبثّ الخوف من الإرهاب بدلاً من نشر الأمان
النظام الحاكم بسوريا ما بيتشارك مع الأنظمة الغربية باستخدام الرقمنة، يعني ما تبنى هذا النظام الأساليب الأمنية وإجراءات المراقبة الحديثة والكاميرات. بالعكس، اعتمد على العين المجردة للمخبرين لتأمين الاستقرار. وهالشي بسبب نقص الكهرباء والخدمات بشكل مبدأي.. وهي هيك تختلف عن مدن العالم المتقدم، لكنها تشبهها باحتوائها على بانوبتيكونات صغيرة بكل حي وكل شارع، الناس بيحسوا حالهم بأنهم مراقبين كل الوقت، حتى في بيوتهم، بسبب وجود عيون السلطة ومخبريها بكل مكان وضلوع الجميع بالتنصّت والوشاية
الأسد الأب أنشأ هيكلية أمنية قوية سيطر من خلالها على سوريا بتعيين المقرّبين ونشر المخبرين، والكل كانوا أهداف للمراقبة سواء مسؤولين أو مواطنين. وبحسب هيومن رايتس ووتش فيه 27 مركز أمني بسوريا،7 أجهزة أمنية رئيسية، إلها فروعها وسجونها المنتشرة بكل أنحاء البلاد. والشي المذهل أن كل واحد منها بيشتغل باستقلالية تامة عن الأجهزة الأخرى، ولكل وحده منها غرف تحقيق وتقنيات استجواب خاصة فيها، وهالشي بدون أي تنسيق أو حدود واضحة بين أشكال التحرك وجمع المعلومات. ومو بس هيك، كمان النقابات والمؤسسات العامة وأفرع حزب البعث الحاكم كانت كمان مراكز لمراقبة وتتبّع المواطنين فيها وحولها. يعني مراكز بانوبتيكية متناثره بالمدينة. حتى الأكشاك الموجودة بالطرقات وجنب الحدائق بتراقب وتتنصّت على اجتماعات الناس وتجمع المعلومات عنهم كأفرع أمنية مصغرة أو ميني بانوبتيكون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نايا: بدمشق يوجد العديد من الأجهزة الأمنية تحت سلطات مختلفة، واحد من هي الأجهزة هو "فرع أمن الدولة أو إدارة أمن الدولة" ويلي هي تسمية غير رسمية ل"إدارة المخابرات العامة"،وبحسب مركز توثيق الانتهاكات يوجد مالا يقل عن 10 أفرع أمنية قوية تابعة إلو، يقتاد إلها المعتقلين وبيوقف خط المعرفة عنهم ع باب الفرع، واذا نجو من التعذيب داخل الفرع او تم الافراج عنهم بيتحولوا لمحكمة أمن الدولة.
نور: طبعا قبل الثورة ما كان حدا عندو معلومات عن الشي الي بصير فعليا جوا هاي الأفرع، او كيف شكلها حتى، لكن بعد الثورة كتير من منظمات حقوق الإنسان ومراكز توثيق الانتهاكات وبسبب إدلاء الشهود الناجيين والناجيات بشهاداتهم بكوبلنز تحديدا، عن التعذيب يلي تعرضوله تحت أقبية هالفروع، صار في عندنا معلومات وصورة اوضح عن بشاعة هالفروع, والي بيشتغلوا فيها، لوين ممكن توصل همجيتهم وبطشهن.
نايا: الفرع 251 أو فرع الخطيب - يلي اتسمى هيك بسبب وجوده بالقرب من ساحة الخطيب و شارع بغداد الراجع بدمشق، وبتسمية ثالثة وهي الأدق "الفرع الداخلي"- هو مبنى موجود بمنطقة سكنية بيعود بناءها للأربعينات، فيها متل أي منطقة تانية خدمات متل جامع ومدرسة ومستشفى، كانوا أهل الحي يسموا الحارة تبع الفرع بينات بعضهم بحارة المخابرات.
وكانت هي الحارة مسكرة بحواجز أمام السيارات لآواخر التسعينات لمرحلة تجديد البيعة لحافظ الأسد، بس كان فيك توصل مشي دايما لأي مكان، التشديد الأمني رجع بسنين الثورة وزادت الحواجز أكتر.
بارتفاع مشابه لارتفاعات الأبنية المجاورة بمنطقة الخطيب يلي بتسكنها طبقات متوسطة ، بناء الفرع مكون من ثلاث طوابق (مع الأرضي)و إلو ملحق، وحديقة غير مستعملة.
نور: فرع الخطيب هو مبنى سكني تم تغيير وظيفته واستعماله لوظيفة تانية، ليكون مقر لفرع أمني، يعني للاعتقال والتعذيب والتحقيق والأمور الأمنية. ومتلو متل أيا سجن بانوبتيكي، إلو طوابق تحت الأرض وزنزانات متوزعة..
بحسب شهادات لمعتقلين فيه، بيحتوي الفرع 251 تحديدا على 29 زنزانة،24 منها للحبس الانفرداي بأبعاد غير إنسانية و5 للجماعي، النوعين موجودين بظروف غير إنسانية، يعني مالهن شبابيك ولا إلهن مراوح للتهوية، الإضاءة الوحيدة بتجي من لمبة شاعلة 24 ساعة باليوم لحتى المعتقلين يفقدوا القدرة على التمييز بين النهار والليل.
نايا: مساحة كل زنزانة جماعية مماثلة لأي غرفة سكنية 15م2 لكن الفرق هو عدد الأشخاص اللي قاعدين فيها. بتقدير أحد الشهود، الزنزانة الجماعية للرجال انحشر فيها ببعض الأوقات 150 شخص، يعني المساحة المتاحة للشخص الواحد هي 10سم2 وهي أقل ب10 مرات من المساحة الطبيعية لشخص يوقف مرتاح. هالشي عم نحكي فيه لنحكي مقدار التعذيب والألم يلي بينشأ فقط من التعدي على فراغ المعتقلين الخاص، يلي بينشأ عنه مشاكل تانية من عدوى لأمراض واالتهابات جلدية وتنفسية. فكيف التعذيب نفسه.
طبعا متل ما ذكرنا قبل، كل هالمعلومات ما كانت متاحة ابدا لولا ما سمعناها من الناجيين والناجيات يلي تقدموا بشهاداتهم خلال محاكمة فرع الخطيب "او الفرع 251" بكوبلنز، الشهود هنن أبطال لازم دايما نتذكر شجاعتهم، لأنو الخوف هو شي متجدد.. هو شي ما بنتهي ويمكن يتحول لكتير مشاعر تانية، وشهود كوبلنز هنن ناس اتّحدوا الخوف مع أنو المسبب تبعو لسا موجود ولساتو بيغذي هالخوف.. وهو الأمن السوري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية
نور: بحلقتنا الجايه، رح نحكي عن الشهود، كيف بتم دعوتهم او اختيارهم، وكيف بتم حمايتهم
تابعونا عبر تطبيقات الإستماع المختلفة. رح ننشر حلقة جديدة من بودكاست الفرع 251 مرتين كل شهر، رح نتعرف من خلالهن على اللي صار وعم يصير بسوريا، وصوب عيوننا المحاكمة التاريخية يلي عم تتم بكوبلنز. بين كل حلقة وحلقة رح نشارك معكن تحديث عن مُجرَيات المحاكمة من مُراسلتنا بكوبلنز، هنا الهِتَمي
فيكن كمان تسمعوا بودكاست الفرع 251 باللغة الإنجليزية من كتابة فرتز سترايف، تقديمنا، ومن المشاركة بالكتابة والتحرير والإنتاج بولينا بيك
نايا: حلقة اليوم من كتابة نايا سكاف وتقديم نور حمادة ونايا سكاف، مشاركة بالتحرير فريتز سترايف وتحرير وانتاج سليم سلامه. نشر وتوزيع 75Podcasts
قدرنا ننتج هالحلقة بدعم من وزارة الخارجية الألمانية عبر معهد العلاقات الخارجية وبرنامج تمويل ZIVIK