تكشف الممرضة منال* عن كواليس علاقة مشفى الهلال الأحمر بأحد أشهر الأفرع الأمنية ومراكز الاعتقال في العاصمة السورية
نشارككم في هذه الحلقة شهادات وتقارير وأبحاث حول استخدام الطواقم الطبية في آلة التعذيب التي اعتمدها النظام السوري، ونحكي لكم عن محاكمة الطبيب علاء م. المتهم بارتكاب جرائم مروعة، عن معتقلين على حافة الموت، وآخرين فارقوا الحياة تحت التعذيب في المشافي، عن سوء المعاملة الممنهج وعن مفتاح براد الموتى بيد رجال المخابرات... وأكثر
تنويه: تحتوي الحلقة على اوصاف مؤلمة تتعلق بالتعذيب والإهمال الطبي الممنهج في المستشفيات والمعتقلات السورية. يرجى اخذ الحطية او التوقف عن الاستماع اذا لزم الأمر
نأخذكم في هذا البودكسات عبر رحلة وتجربة صوتية متكاملة، نستمع من خلالها إلى قصص وتجارب حول المشهد المتناثر لجهود العدالة والمحاسبة على الجرائم الجسيمة المرتكبة في سوريا من قبل النظام، في محاولة لفهم ألغاز التحقيقات، وأسرار المحاكمات القضائية
هذه الحلقة من كتابة وإعداد وإنتاج سليم سلامه، تحرير وتحقق من المعلومات ميس قات، تقديم ومشاركة بالتحرير كريستينا كغدو، مشاركة في التحرير فريتز سترايف
فريق البحث والتوثيق الميداني: عزّام مصطفى وشام العلي
مكساج وماسترنغ: عبد الرزاق الصطوف
مؤدية صوت منال*: سلافة لبابيدي
أُنتجت هذه الحلقة بدعم من وزارة الخارجية الألمانية عبر معهد العلاقات الخارجية وبرنامج تمويل
ZIVIK
مصادر ومراجع
كريستينا: قبل ما نبدأ، مهم انّوه انو هالحلقة بتحتوي على وصف دقيق لممارسات عنيفة ودموية. منرجوا انكن تاخدوا الحيطة والحذر، او تتوقفوا عن الاستماع لو احتجتوا.
مرّة، بسنة ال 2008 جابو 2 رجال، ومرّة تانية جابو ست، كلهم عندهم إصابات، وبكل المرات كانوا يحطوا المعتقلين بغرف منفصلة، وبس الحرس يدخلوا معهم، ونحنا كممرضات، والاطباء، ما ندخل الا بإذن من الحرس… بعيوني شفت المعتقلين "مجنزرين" ومربطين بالجنازير الحديدية بالتخوت…
كنّا نقدر نميّز انهن معتقلين لوقت طويل من لون بشرتهن الصفرا، من شكلهن ونحافتهن، كل هاد كان يوحيلنا بشكل كبير بانه صرلهن زمان كتير طويل في المعتقل… غير هيك للاسف الريحة الي كانت تفوح منهن كانت ريحة سيئة جدا، بتزكر كنا نلبس كفوف قبل ما نلمسهن لان كانوا كتير موصخين.
كريستينا: بنهاية شهر نيسان ال 2011، بدت قوات النظام السوري استخدام القوة الوحشية لقمع جميع اشكال الحراك المناهض لسياسات النظام. المخابرات السورية كان الها دور كبير بتطبيق هاد القمع؛ وبمساعدتها بدأ يتم ترهيب الناس بهدف ايقاف الحركة الاحتجاجية بأسرع وقت.
لما نقول مخابرات، تحديدا ببلدانّا، بكون صعب انو تتشكل عنا صورة مفصلة عن شكل هالجهاز؛ باغلب الوقت منشوفة ككيان واحد، شيء عظيم وضخم، آلة بطش وترهيب، من غير ما يكون في وضوح بالضرورة للتفاصيل يلي بتخلق هالتركيبة، وبتساعدها تحصل على قوتها وجبروتها.
لكن بالواقع، ومن الداخل، جهاز المخابرات جهاز متشعب ومعلّب، بيحتوي بداخله على اشخاص مخبرين بيشتغلوا بالاساس بمهن متعددة. مهن من الخارج مو مرتبطه ولا بتوحي بمعنى او مفهوم المخابرات.
منال*: المشافي بسوريا كان يتم التعامل معها كأنها ملك لأشخاص، مو مشافي او مرافق حكومية، كان ممكن مثلا ينحجز طابق كامل لما يجي مسؤول او قريب لمسؤول ليتعالج في المشفى…
|
|
|
بديت شغلي بمشفى الهلال الأحمر سنة 92 وضليت بنفس المكان لحد نهاية ال 2012 قبل ما اترك سوريا. طلعت منها بداية سنة ال 2013، بس ما رح اقدر قول على اي بلد… |
مثلا، وزارة الدفاع في دمشق بتدير مشفى تشرين العسكري، مشفى 601، مستوصف الجوية، ومستوصفات تانيه بتعالج فيها العساكر وعائلاتهم. اما وزارة التعليم العالي، فبتدير مثلاً مشفى المواساة، ومشفى الأطفال، ومشفى التوليد الجامعي والاسد الجامعي. اما المشافي والمنشآت الطبية التانية فبتكون تابعة لوزارة الصحة مباشرة.
|
سكوتي التام عن يلي كان يصير لحد ما تركت شغلي وطلعت من سوريا كان بسبب خوفي، ما كان ممكن ابدا اني عبّر عن مشاعري الحقيقية، كان الكل يدافع بمحيطي، بالوقت يلي كان الاغلبية الاعظم من الاطباء ساكتين وخايفين تماما، كانت ملامح الرعب دائمة على وجوهن. كتير اطباء كانو عرضة للاعتقال والقتل بسبب شبهات بتعاونهن مع المعارضين أو المتظاهرين. |
بوقتها، حاول حزب البعث يغيّر هالوضع، وبلّش يضخ موارد لإنشاء مرافق طبيّة بالأماكن المهمّشة والريفيّة، وبلّشت تظهر عيادات ومشافي بأماكن ما كان فيها هيك شي سابقًا.
خلال هالتغيير، تم العمل على توزيع مناصب ادراية عليا بالموسسات الصحية للبعثيين على وجه الخصوص، ويلي ادى لتسييس القطّاع الصحي بكامله وبالتالي، وكنتيجة حتميّة، انتشر الاستقطاب والتمييز، ضدّ المهنيين الطبيّين يلي مو معبرين بالضرورة عن ولائهن بشكل واضح وصريح داخل مجال الرعاية الصحيّة… |
منال*: المشفى الي كنت اشتغل فيه ما كان فيه ولا طبيب علوي، وتدريجيا، بشكل طبيعي وبطيء، صار الفرز والانقسام بين الطاقم الطبي وطاقم التمريض… صاروا يقعدوا لحالهن بعيد عن الممرضات، بسبب الخوف والقلق… السكوت كان سلاح كل طرف، حتى لو ما كان بالضرورة بيعرفوا اذا هاي الممرضة او هداك الممرض مع او ضد… |
بمنتصف ال 2020، القت السلطات الالمانية القبض على الطبيب علاء م. المتهم بتعذيب المعتقلين. ومع بداية سنة 2022، تحديدا يوم 19 كانون التاني، بعد ايام قليلة من صدور الحكم بالحبس مدى الحياة لأنور رسلان، بلشت محاكمة الطبيب علاء م.
الطبيب الي حضر وقتها كان المتهم علاء م. وحسب الادعاءات، ضرب المعتقل المصاب بأنبوب بلاستيكي، وضل يضربه ويرفسه على رأسه لوقت ما طلع من المكان. تاني يوم، فاق المعتقل وكانت صحته متدهوره، فطلبله واحد من المعتقلين رعاية طبية، ليرجع يجي الطبيب المتهم علاء م. مع طبيب تاني، وبدل ما يقدموا العلاج للمصاب بنوبة الصرع، بلشوا يضربوه بأنبوب بلاستيكي لحتى بطل يقدر يمشي واغمى عليه.
هالحدث، بكل بشاعته والعنف يلي فيه، هو قصة وحده من بين آلاف القصص لضحايا ومعتقلين ومعتقلات تانيين تم تعذيبهن او تشوييهن او قتلهن على ايد الجهاز الطبي، بالاخص بعد اندلاع الثورة بال 2011. بتستذكر منال التغييرات الي طرأت على المستشفى يلي كانت تشتغل فيها، بهداك الوقت تحديدا… |
كان العناصر اللي بيشتغلوا بفرع الخطيب يجيبو دائماً معتقلين على المشفى، اغلبهن كانوا يلفوهن ببطانيات وسخة كتير كتير، وكنا نبلس كفوف بايدينا لما نعتني فيهن بالاخص؛ كنا نشوفهن كيف مقمّلين أو عندهن جرب باغلب الوقت…
نحنا الممرضات، والاطباء، كنا ملزمين بانو نتعامل مع المرضى بأسرع وقت، وانو ننهي الشغل بسرعة كتير، وبأدنى حد من العناية، كان ممنوع نحكي معهن أو انو نتبادل اي معلومات، أو حتى انو نواسيهن او نظهر اي تعاطف… بتزكر منيح كيف صرخ علي عنصر مخابرات مرّة وهو يقول: "خلصي خلصي".
بعمري ما شميت هيك ريحة من بني آدمين…
الاطباء اللي بعرفهن كانوا يعملوا شغلهن من باب الواجب، بدون اظهار اي اهتمام، كلو بسبب الخوف الكبير من المخابرات، لأن المخبرين وعناصر الأمن كانو يضلّوا دائما موجودين في الغرف، بينا ومعنا وفوق روسنا… كان الصمت هو سيد الموقف بالغرفة يلي فيها طبيب… بعض الممرضات كانو يقولوا اشيا مثل "هاد الجحش جايبينه، هاد العرصة" وكانو يرفضوا العناية ببعض المعتقلين. |
علاج المتظاهرين صار يعتبر "عمل إرهابي"، وبمناطق سيطرة المعارضة كمان تم توصيف التعامل مع المدنيين بالإرهاب.
لمّا بلّش يتطبّق هاد القانون، الخطر على الأطبّاء يللي كانوا بيرغبوا بالاستمرار بمعالجة المتظاهرين صار حقيقي ومدعوم. وفقًا لمنظّمة أطبّاء من أجل حقوق الإنسان غير الحكوميّة "Physicians for Human Rights"، تم قتل وتصفية ما لا يقلّ عن 930 عامل وعاملة بالمجال الطبّي بين سنة ال 2011 و ال 2021.
بحلقة اليوم عم نركز على استخدام النظام السوري للطب كاداة للتعذيب والقتل، بس بحلقتنا الجاية، رح نركز على استهداف النظام للمستشفيات والطاقم الطبي والتمريضي، واماكن تجمع المدنيين والمدنيات للعلاج او لشراء حاجاتهم الاساسية وقوت يومهم.
اما انهم يختاروا ممارسة المهنة مع المخاطرة بالحياة… او يستمروا في العمل وتقديم اسوأ انواع الرعاية والمعالجة، تحت التهديد والترهيب… أو يتوقفوا تماما عن العمل ويتركوا المرضى تحت رحمة نظام الأسد الدمويّ…
شَكْل العنف الطبّي من ال 2011 ولحد اليوم، والضرر والأذيّة يلي تسبب فيهن مختلفين كتير… الأطبّاء يللي بيشتغلوا مع النظام ممكن يشتغلوا باي مستشفى او مستوصف: المستشفيات المدنيّة، العيادات، أو السجون، مراكز الاحتجاز، المستشفيات العسكرية، او فروع المخابرات… ممكن يكونوا مواليين غصب عنهن أو بكامل رضاهن، وممكن كمان يكونوا متورطين بالاستجواب والتعذيب ومكلفين بالتعامل مع الناس... وممكن ما يكونوا عم يعملوا ولا وحده من هدول… |
لكن، العناية طبعا كانت ضعيفة كتير كتير كتير، وقليلة جدا، يعني المريض العادي الي مو بمتل هيك وضع بيكون بيستحق عناية اكثر بكتير من يلي كان يتم تقديمها للمعتقلين والمعتقلات بالوقت الي انا كنت اشتغل فيه. طبعا متل ما قلت انا شغلي كان بمشفى مدني، وكان الوضع هيك، ما بعرف بالمشافي العسكرية كيف كان الوضع هنيك، وكمان شغلي تحديا اقتصر خلال فترة الاحتجاجات. بعرف زملاء اشتغلوا بمشافي عسكرية، لكنهن بفضلوا الصمت، وانهن ما يحكوا عن هاي الامور بسبب خوفهن الشديد. |
حسب تقارير تركنا روابطها بالوصف المكتوب للحلقة، بمعاملة اطباء السجون تحديدا للمعتقيلن والمعتقلات، جمع المعلومات عن صحتهن يعتبر إجراء معياري، يعني إلو قواعد وبتكرر دائما، وإلو شروط وقوانين؛ أطباء السجن بيكون عندهم بالعادة فكرة مسبقة عن صحة المعتقلين والظروف يللي هن فيها، وهي المعلومات مهمة وممكن استغلاها بسهولة شديدة. مثلًا، إذا حدا من المعتقلين عندو او عندها ربو، الدكتور بيكون عندو دراية تامة إنو هالمعتقل او المعتقلة بحاجة لعلاج ولظروف معيشية معينة، بس من خلال هالمعرفة، ممكن الطبيب يسلّم المسؤولين عن الاستجواب سلاح غير مرئي ومصمّم تمامًا لهادا السجين او السجينة. بمعنى: (ليش تعذّب حالك وتضرب سجين ما، لما يكون بامكانك تعذيبه بنفس القدر من السوء لكن من خلال حرمانه من الرعاية الطبيّة؟
|
كتير أشخاص كانوا يجو من الفرع لعنا عالمشفى، وما كنا نعرف شو عم يصيرلن، بعتقد كانوا يموتوا بالمشفى. كانت مناوباتي باغلب الاوقات ليلية، كنت شوف سيارات الاسعاف طالعة من باب البراد تبع المشفى، الصبح بكير، حوالي الساعة خمسة قبل طلوع الشمس، حسب تصوري إنن كانو يجمعوا الجثث ويطلعوها من المشفى دفعة وحده كل فترة. |
سيطرة النظام وافرعته الامنية ما اقتصرت فقط على التحكم بشكل العلاج والرعاية الطبية الي بقدمها طاقم الطب وطاقم التمريض، وانما تعدته لتتحكم بمين عنده القدرة على التعرف علي اجساد الموتى وفحص اسباب وفاتهم… |
كان معه اربع اشخاص مدججين بالسلاح ولابسين عسكري، دايما هنن الاشخاص نفسهن بيجو من الفرع، ما بعرفهن بالاسم، بس كانوا يترددوا دايما عالاسعاف. رموه عطاولة الكشف، وتكشفت البطانية وشفت جسمه، شفت الزلمة، كان لونه ازرق موَرّم كله على بعضه، كان واضح انه تعرض لتعذيب. وبذكر انهن سكروا الستاير بعدها وسمحوا بس لواحد من الاطباء أنو يدخل لعنده… كنت واقفة بنفس غرفة الاسعاف والشب المريض كان على السرير، فاصلتني بس الستارة عنه. بذكر كيف قلي بوقتها عنصر الأمن: "انتي لا تفوتي". ودفشني على جنب، وضل بس طبيب واحد ليكشف عليه. بعد ما كشف الطبيب عليه، دار ضهرو وطلع من ورا الستارة، كان وجهه مخنّق… سألتو: "شو لازم نعمل؟" ما فتح تمّه ولا بحرف، أشّر بس بحواجبه لفوق وقال: "خالص…" بعدها بدقايق دخل الطبيب، عمل اصغاء لقلب المريض المعتقل بالسماعة، وبعدها اعلن انه مات، وما بعرف لوين اخدوه. |
من حيث المبدأ ما في شي بيخلّي الناس يلي بتشتغل بالمهن الطبيّة جاهزة للتعبئة والحشد مشان تقوم بأعمال عنف بسوريا، لكن كتير مهم نشوف السياق التاريخي والثقافي يللي اشتغلوا فيه الأطبّاء هنيك. يعني، خلال نصف القرن الماضي، اتطوّرت سوريا بشكل كتير كبير، وهاد الشي بيعني إنو كمان مهنة الطبّ اتطوّرت وتطوروا معها الأطباء وصار عندهن وجودهن وقوّتهن واحترامهن، يعني صار عندهن سُلطة نسبيّة بمجتمعاتهن. النظام منتبه وواعي لهي السُلطة يللي هي بالنسبة إلو شغلة كبيرة ومهمّة كتير وبأي وقت ممكن يستخدمه أو يسيء استخدامها حسب توجهاته وأهدافه المختلفة. لهيك، وبسنة ال 2011 يلي كانت لحظة البدء والنقطة الحاسمة لتظاهر الناس بكثافة وبأعداد كبيرة، كان هو الوقت الي اعتبر فيه النظام أي دعم "طبّي" للجرحى من المتظاهرين هو شكل من أشكال الدعم "السياسي" إلهن.
هيك صار كتير صعب أو حتّى مستحيل تقديم أي دعم طبّي وإنساني للأشخاص الموجودين خارج نطاق سيطرة النظام. ومتل ما ذكرت منال، حتى لما كان الطاقم الطبي عم يقدم الخدمة داخل مناطق السيطرة، لكنها عم بتكون لمعتقلين ومعتقلات معارضين، فهالخدمة كانت تتم تحت رقابة عناصر النظام وتحت شروطه، متل مرافقة عناصر الامن للمعتقلين والمعتقلات في المستشفى يلي اشتغلت فيه منال، وتحكمهم بشكل العلاج المقدم الهن…
|
عرفت أن أهله كانو عم يدوروا عليه وانهن دفعوا مصاري كتير لأشخاص مقابل معلومات عن ابنهن الطبيب اياد، يلي بوقتها كان المعتقد انه صرله 13 شهر معتقل. وهيك عملت، راسلت صاحب البوست وخبرته انه الطبيب اياد مات، ما صدقني في البداية وقلي أنتي مانك بسوريا! كيف بتعرفي انه مات، فخبرته بتاريخ الوفاة وكل الي صار، وبإني شفته بعيني. |
طبعا، كتير من العاملين والعاملات بالمجال الطبّي بسوريا هن ضحايا للنظام؛ الأطبّاء والممرضين والمسعفين يللي ضلوّا عم يشتغلوا رغم الهجمات والقصف الجوي يلي ما هدي، عم يعملواإشي كتير مهم وأساسي، لكن ضمن شروط وظروف كتير سيئة وصعبة.
|
اجى شخصين من الفرع، قالوا للطبيب انه بدهن الممرضة الي مناوبة في الاسعاف… اتطلع علي الطبيب وقتها وسألني: "انتي مناوبة (وقال اسمي)" طبعا كان بيعرف اني مناوبة ومع هيك سألني. قلتله ايه، انا الممرضة المناوبة اليوم. قال العسكري: "بدنا ياكي بالفرع ضروري".
لبست تيابي و رحت معهن، مشينا، وبزكر نزلت معهن 3 طوابق تحت الأرض.
اخذني على غرفة فيها ضابط عسكري. قلي الضابط: "انتي من وين؟ شو اسمك؟" جاوبته، قلتله اسمي ومن وين، بعدها سألني عن شخص بعرفه معرفة بعيدة . بعدين قال الضابط: "في وحدة جحشة جوا، دخلي وفتشيها شوفي اذا معها شي".
كان شعرها مبلول ومجعد شوي، مستحيل إنسى شكلها ابدا… كانت لابسه بنطلون جينز وتي شيرت أبيض وبوط رياضة أبيض، وكانت عم ترجف من الرعبة. قلتلها لا تخافي.. انا ما دخلني فيهن، الفرع جابوني بس مشان فتشك… ومارح المسك بس بدي اسألك اذا معك شي.. الست قالتلي اسمها، وانو صحفية، وقالت انهن اعتقلوها لانها ساعدت العِيَل المتضررة الي جاية من حمص، وانه زوجها الدكتور ج. ص. وهو طبعا زميل سابق كنت اشتغل معه، وانو موجود بنفس الفرع الي كنا فيه. كنا عم نهمس همس بصوت واطي كتير… وبعد وقت قصير طلعوني بسرعة… رجعت بعدها عالمشفى وبس خلصت مناوبتي رجعت عالبيت… كنت مجروحة كتير كتير، قلبي عم ينزف حرفياً.. ما قدرت خبر اي انسان بالي صار. اضطريت احبس دموعي بقوة، وكنت عصّ على شفافي لساعات حتى قاوم انه ما ابكي… ووقتها قررت اني اترك البلد، وبلشت فكر كيف بدي ساوي هالشي. |
كريستينا: بعد الي شهدت عليه منال، بين الصحفية والطبيب وكل الي تبعه، الوضع تعقد اكتر واكتر، والاهمال الطبي الممنهج استمر، ووقتها قدمت منال طلبت اجازة بلا راتب لمدة سنة، بس مدير مستشفى الهلال الاحمر الي كانت تشتغل فيها ما وافقلها عليها، فقررت انها تترك كل شي وتطلع برات البلد. |
كنت فرحانه لما شفت الناس في المظاهرات عم تطالب بالحرية والقيم الي بحبها وبتمنى اني عيشها، بس ما كنت راضية ابداً عن التسلح، وما كنت حابة تتجه الأمور للعنف المسلح في البلد… ما قدرت اني عبّر عن رأيي، وجزء من عيلتي قاطعوني لمجرد إبداء آراء بسيطة يأحاديث صغيرة، او لمجرد إني تابع قنوات اخبارية معادية للنظام السوري، كانو يقولوا عني "علّاكة".
لو سكتت كنت رح موت من قهري، ولو حكيت كنت متت بسبب كلامي وصدقي. فقررت اني اطلع.
انا لو بنطلب، فعندي استعداد اني اشهد بالمحاكم الدولية، ما بعرف غني، ولا بعرف اكتب شعر او مقال، ولا بقدر اني اخدم بلادي متل ما بحب… انا فقط هاربة من الظلم الذي شفته بعيني...
بتابع عمر الشغري وبحبه كتير، بتابعه على كل منصات السوشيال ميديا لأني معجبة بقوته… أثر فيني كثير لما سأل عمر عنصر الأمن: "ليش عم تدعس على رأس المعتقل؟" فرد عليه رجل الامن وقال: "اذا ما دعست على رأس المعتقل رح يدعسوا على راسي…"
|
منستذكر كيف كان فيه تلميحات عن دور الأطباء ومرافق الرعاية الصحية خلال محاكمة كوبلنتز؛ وكيف سعت المحكمة وقتها لتقييم نقص الرعاية الطبية كجزء من ظروف الاعتقال العامة في الفرع 251. غير هيك، تحليل الطب الشرعي لملفات قيصر بيّن علامات واضحة على وجود علاج طبي وعلامات تعذيب على وحده من الجثث، وأكّد خبير الطب الشرعي أنو بعض الممارسات الطبية مثل لصقات الأقطاب الكهربائية من الممكن أنه يتم استخدامها كمان لتعذيب الأشخاص، وعالاغلب رح توضحلنا محاكمة علاء م. عبر شهادات الناجين والناجيات والشهود عن كيف تم استغلال مراكز الرعاية الطبية من قبل شعبة المخابرات العسكرية في حمص ودمشق واستخدامها لتعذيب الضحايا. |
|